القرائن تقول نعم، فنحن إذا أكلنا نأكل حتى التخمة، نأكل حتى إننا لا نستطيع الوقوف، نأكل حتى نتقيأ.. ننسى أن الإفراط في الأكل ضار بصحتنا، ونتناسى ما تعلمناه صغاراً من أن المعدة بيت الداء والحمية رأس الدواء.. نأكل ونشرب بدون أية اعتبارات صحية حتى إننا نستفرغ ما أكلناه وما شربناه عند أقرب ناصية طريق أو عند أقرب حمام.
ونحن إذا عملنا فإننا نعمل حتى الإرهاق، نعمل حتى نقع على الأرض.. لا نرحم أنفسنا.. نجري، نلهث وكأن الدنيا لم يتبقَّ منها غير يومنا الذي نحن فيه.. لا نعطي أنفسنا أية راحة، بل إننا حتى في أيام راحتنا الأسبوعية وإجازاتنا السنوية نعمل ونعمل ونشقى غير عابئين بصحتنا وسلامتنا.
ونحن إذا تأصلت في أحدنا صفة الكرم والجود فإنه مستعد أن يبيع ما تحته وما فوقه حتى يثبت للجميع أنه جدير بهذه الصفة.. كرمنا يصل بنا أحياناً إلى درجة الغباء أو السذاجة.. وإذا أصيب أحدنا بمرض البخل، فإن هذا المرض يتأصل فيه حتى النخاع حتى لو ملك مال قارون، ويظل طوال عمره أسيراً لأمواله وعبداً لبريق ذهبه ودنانيره حتى يلقى ربه فيحاسبه حساب الأغنياء بعد أن عاش طوال حياته عيشة أحط من عيشة الكلاب.
لا يعرف من الألوان في حياته سوى لونين فقط هما الأسود والأبيض، وينسى أو يتناسى أن بين هذين اللونين ألواناً متعددة أخرى، وحتى في الحب فإن بعضنا إذا أحب فإنه يحب حتى درجة العبادة، وإذا كره فإنه يكره حتى تتحول هذه الكراهية إلى حقد أسود يعمي البصر والبصيرة، وينسى أن الحب مراحل ودرجات وأن الكراهية كذلك.
لا نعرف الحلول الوسط في تعاملنا مع أنفسنا ومع الآخرين.. لا نعي أبداً أن هناك بين درجة الغليان ودرجة التجمد درجات عديدة من الحرارة والبرودة.. والحياة بالنسبة لهؤلاء إما جنة الفردوس أو جحيم العذاب.. إما سعادة مطلقة أو شقاء تام، إما خير كامل أو شر مستطير، إما ظلام دامس أو نور يخطف الأبصار. وحتى إذا آمنّا بعقيدة بفكرة أو عقيدة معينة فإننا نؤمن بها إيماناً مطلقاً حتى درجة التعصب، إيماناً أعمى حتى إننا لا نناقشها ودون أن نمحصها ودون أن نعرف سلبياتها وإيجابياتها.
ولذلك، ولأننا كل ذلك فإننا كثيراً ما نكون عرضة للأمراض النفسية والعصبية، ولأننا كل ذلك فإننا نشيخ قبل الأوان ويبيض شعرنا ونحن لانزال في مرحلة الشباب، ولأننا كل ذلك فإننا لا نعمر طويلاً لأننا نستهلك أنفسنا ونستنفد طاقاتنا دون رحمة ودون شفقة.
ولأننا حذفنا من قاموسنا كلمة الاعتدال فإن علينا وعلى دنيانا السلام.
ونحن إذا عملنا فإننا نعمل حتى الإرهاق، نعمل حتى نقع على الأرض.. لا نرحم أنفسنا.. نجري، نلهث وكأن الدنيا لم يتبقَّ منها غير يومنا الذي نحن فيه.. لا نعطي أنفسنا أية راحة، بل إننا حتى في أيام راحتنا الأسبوعية وإجازاتنا السنوية نعمل ونعمل ونشقى غير عابئين بصحتنا وسلامتنا.
ونحن إذا تأصلت في أحدنا صفة الكرم والجود فإنه مستعد أن يبيع ما تحته وما فوقه حتى يثبت للجميع أنه جدير بهذه الصفة.. كرمنا يصل بنا أحياناً إلى درجة الغباء أو السذاجة.. وإذا أصيب أحدنا بمرض البخل، فإن هذا المرض يتأصل فيه حتى النخاع حتى لو ملك مال قارون، ويظل طوال عمره أسيراً لأمواله وعبداً لبريق ذهبه ودنانيره حتى يلقى ربه فيحاسبه حساب الأغنياء بعد أن عاش طوال حياته عيشة أحط من عيشة الكلاب.
لا يعرف من الألوان في حياته سوى لونين فقط هما الأسود والأبيض، وينسى أو يتناسى أن بين هذين اللونين ألواناً متعددة أخرى، وحتى في الحب فإن بعضنا إذا أحب فإنه يحب حتى درجة العبادة، وإذا كره فإنه يكره حتى تتحول هذه الكراهية إلى حقد أسود يعمي البصر والبصيرة، وينسى أن الحب مراحل ودرجات وأن الكراهية كذلك.
لا نعرف الحلول الوسط في تعاملنا مع أنفسنا ومع الآخرين.. لا نعي أبداً أن هناك بين درجة الغليان ودرجة التجمد درجات عديدة من الحرارة والبرودة.. والحياة بالنسبة لهؤلاء إما جنة الفردوس أو جحيم العذاب.. إما سعادة مطلقة أو شقاء تام، إما خير كامل أو شر مستطير، إما ظلام دامس أو نور يخطف الأبصار. وحتى إذا آمنّا بعقيدة بفكرة أو عقيدة معينة فإننا نؤمن بها إيماناً مطلقاً حتى درجة التعصب، إيماناً أعمى حتى إننا لا نناقشها ودون أن نمحصها ودون أن نعرف سلبياتها وإيجابياتها.
ولذلك، ولأننا كل ذلك فإننا كثيراً ما نكون عرضة للأمراض النفسية والعصبية، ولأننا كل ذلك فإننا نشيخ قبل الأوان ويبيض شعرنا ونحن لانزال في مرحلة الشباب، ولأننا كل ذلك فإننا لا نعمر طويلاً لأننا نستهلك أنفسنا ونستنفد طاقاتنا دون رحمة ودون شفقة.
ولأننا حذفنا من قاموسنا كلمة الاعتدال فإن علينا وعلى دنيانا السلام.