هل تجبر روسيا العالم على الصراخ جوعاً من أجل نزع فتيل الأزمة الأوكرانية الروسية؟
بعد انسحاب روسيا من اتفاق الممرات الآمنة للحبوب، بل يقال إنها قصفت مخازن الحبوب الأوكرانية حتى لا يتم نقلها في ممرات برية بعيداً عن البحر الأسود، فزادت أسعار المواد الغذائية على مستوى العالم، وفي الوقت نفسه تعلن روسيا نفسها فاعلاً للخير بإمداد 6 دول أفريقية بأطنان من الحبوب مجاناً، فهل هذه رسالة روسيا للعالم؟! من سيكون مع روسيا لن يجوع؟
إن روسيا تحاول أن تفشل الاستقطاب الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية بحصارها، فما بين محاولات أمريكية لفرض هيمنتها كالقوى العظمى الوحيدة في العالم، والباقي تابعون، وما بين مقاومة روسيا لجعلها مجرد دولة ليس لها أنياب، وتحاول الحيلولة دون اقتراب الناتو من حدودها، فروسيا ترهن رجوع اتفاق الحبوب برفع العديد من العقوبات ومنها نظام السويفت للبنوك، ولكن هل هذا سيجدي نفعاً خصوصاً وأن الولايات المتحدة الأمريكية بعيدة كل البعد عن الضرر نتاج استمرار أو فشل ممرات الحبوب الآمنة وبعد أن نجحت نسبياً الولايات المتحدة الأمريكية بتخفيض أهمية سلاح الغاز الروسي الأوروبي واستبداله بالغاز الأمريكي مع تحقيق أرباح للاقتصاد الأمريكي ولكن على حساب اقتصادات الدول الأوروبية، فما هي خطة الولايات المتحدة الأمريكية؟ هل ستستطيع أن تعوض العالم عن نقص الحبوب الأوكرانية الروسية التي تشكل ربع إمدادات العالم أم ستنجح روسيا في جذب مزيد من الدول إلى صفها، خصوصاً أن الهند والصين كان لهما موقف محايد ورفضتا الامتثال للعديد من القرارات الأمريكية؟!
إن الدول العربية لا يجب أن تقف موقف المحايد تجاه صراع تكسير العظام الذي يدور في القارة الأوروبية لأن أضراره ستطول الجميع، يجب أن تخرج الدول العربية من عباءة الاعتماد على عائدات النفط والاستثمار في مجالات الزراعة والصناعة، والزراعة في هذه المرحلة أهم من الصناعة لأن القيود الغربية عليها أقل والعالم العربي يمتلك العديد من الأراضي الخصبة، فالتكامل العربي هو الحل الأمثل للحيلولة دون حدوث مشاكل لا يحمد عقباها في المستقبل.
إن القوى العالمية أصبحت أكثر توحشاً، فلقد تحول العالم من الحرب الباردة إلى الحرب الساخنة القاتلة التي تلعب بجميع الأوراق وأهمها ورقة الغذاء.
إن نزع فتيل الأزمات في الدول العربية كالسودان وليبيا وسوريا وخفض وتيرة الاختلافات فيما بين بعض الدول العربية هو الحل الأمثل لمواجهة أطماع بعض الدول أو مغالبة مصالحها على مصالح باقي دول العالم دون التقيد بأي حد أدنى من الأخلاق.