بعض القوانين منحت سلطات استثنائية للمسؤولين للتعامل مع الحالات الاستثنائية، ولكنني شهدت أكثر من حالة يتردد فيها المسؤول من استخدام سلطاته لأسباب مجهولة، قد تكون مثلاً أنه لا يخشى الاتهام من التجاوز، أو لا يريد أن يفتح له باباً لتذمر بقية الموظفين، مع أن تلك الصلاحيات الاستثنائية ما أعطيت له إلا لأنه الأكثر اطلاعاً على استحقاق الحالات الاستثنائية التي لا تنطبق عليها القواعد العامة.
هذه شكوى لحالة استثنائية ثانية لم تستخدم فيها الصلاحيات التي منحت لوزير الإسكان، أحدها كانت لحالات عديدة قديمة سببها الاختلاف في تعريف «الأسرة» وحالات المعيلين.
وأمس وردتني حالة جديدة ضد بعض القوانين التي تبدو تعسفية وغير منطقية فيما يتعلق بتعريف «الأسرة» المستحقة للخدمة الإسكانية.
فحواها أن هناك أسرة مكونة من زوج وزوجة وابنين ذكور وابنة، حصل الزوج على بيت إسكان قبل سنتين وشاركت الزوجة في دفع الأقساط وتأثيث البيت، وتوفي الابن البكر ثم لحقه الأب بعد عدة أشهر، فلمن يكون البيت وفقاً للقوانين الإسكانية؟
المادة 85
«في حال توفي رب الأسرة الذي خصص له مسكن أو قسيمة سكنية أو في حال إلغاء السكن والقسيمة يجوز للوزارة إعادة تخصيص ذلك المسكن أو تلك القسيمة باسم أحد أفراد أسرته -اتفاقاً بينهم وبرغبته- متى كان يشكل أسرة مستحقة وفقاً لأحكام هذا القرار وبشرط أن تضمن الأسرة في الطلب.
ويجوز إعادة تخصيص الخدمة الإسكانية -على النحو المتقدم- في حال وفاة رب الأسرة الذي خصصت له إحدى الخدمات الإسكانية الأخرى غير المسكن أو القسيمة السكنية.
وفي حال وفاة رب الأسرة الذي خصصت له خدمة إسكانية ولم تتوفر في أسرته شروط الاستحقاق يصدر الوزير بناء على توصية لجنة الإسكان في شأن الخدمة الإسكانية المخصصة» (انتهى).
نعود لصاحبة الشكوى، تقول الأخت إن الإسكان ألزمتها بتسجيل الوحدة السكنية باسم ابنها الذي يعمل على أن يتعهد بعدم إخراجها من المنزل، مع العلم -تقول الزوجة- إنني من سيدفع القسط الشهري من راتب زوجي التقاعدي كما كنا نفعل منذ عامين وهي مدة استلامنا المنزل، وسؤالها المنطقي جداً لِمَ لا يكون المنزل باسم الورثة؟ لِمَ تحرم أخته من حصتها؟
السؤال الثاني لِمَ البيت باسم أحد الأبناء فلو كان لي أكثر من ابن فلمن يكون البيت؟ َولِمَ ابني يحرم من حقه في بيته الخاص مستقبلاً، الآن هناك بيتاً مسجلاً باسمه وتشاركه أمه وأخته فيه؟
ولماذا تبقى الأم تحت رحمة (التعهد) في منزل أسسته هي من البداية ومازالت هي من يدفع ثمنه؟ ماذا إن لم تتفق مع زوجة الابن مستقبلاً؟
أسئلة منطقية جداً تكمل الأسئلة الخاصة بتعريف الأسرة المستحقة للخدمة السكنية والتي يحرم منها غير المتزوجين الذين يعيلون أبناء أخيهم أو أختهم وهناك العديد من هذه الحالات التي رفضت طلباتها للحصول على وحدة سكنية لأن تعريف الأسرة في القانون لا ينطبق عليهم.
فالكثير من النساء خسرن حقهن الإسكاني لأن تعريف الأسرة لا ينطبق عليهن رغم أنهن يتحملن مسؤولية من معهن في البيت ويعيلونهن، والعديد من الرجال تزوجوا ليقدموا الطلب ويحصلوا على البيت رغم أنهم لا يتحملون تكلفة «عود» في البيت، فالزوجة هي من يعيل ويتحمل المسؤولية.
حتى بالنسبة للراتب التقاعدي وذلك سؤال خاص بالتأمينات تتكرر نفس المشكلة، حيث اشتكى رجل بحريني تحمل مسؤولية أبناء أخيه بعد وفاته ولم يتزوج، ولا وريث له غيرهم، فَلِمَ يحرمون من راتبه التقاعدي وهم قصَّر في حالة وفاته، هنا تعريف الأسرة أيضاً له اعتبار آخر.
نتمنى أن يعاد النظر في بعض القوانين التي ثبت أنها توقع ظلماً على شريحة من الناس وأن لا يترك أمرها لتقدير سلطات المسؤولين فحسب باعتبارها استثناءات، فليس كل مسؤول يملك جرأة استخدام صلاحياته!!