الرائد الدكتور عبدالله ناصر البوفلاسة
تتجه السياسة الجنائية المعاصرة نحو إيجاد بدائل للسير في الدعوى الجنائية وخصوصاً في المخالفات والجنح، بهدف النهوض بمنظومة العدالة الجنائية من خلال استحداث أنظمة قانونية تساهم في سرعة الفصل في الدعوى الجنائية دون إخلال بالعدالة.
وقد اعتمد المشرع البحريني هذه المنهجية في قانون الإجراءات الجنائية، من خلال استحداث نظام المحاكمة العاجلة في حال الاعتراف الكامل بالجرم في الجنح بحيث يستفيد المتهم من تخفيف العقوبة وذلك بضوابط حددتها «المادة 226 مكرر من قانون الإجراءات الجنائية البحريني. وبناءً على ما تقدم قد يهم القارئ الكريم الإجابة على بعض التساؤلات مثل : ما هو الاعتراف الكامل بالجرم؟ وما هي الجنحة؟ وما هي شروط إجراء المحاكمة العاجلة ؟ وما هو الأثر القانوني في حال قبول المحكمة لنظر الدعوى وفقاً للإجراءات العاجلة؟ وما هي أسباب رفض المحكمة لنظر الدعوى وفقاً للإجراءات العاجلة؟ وما هي أهميتها في تحقيق العدالة الناجزة؟
وبعد عرض هذه الاسئلة الواردة، نود تأكيد جملة من الحقائق القانونية :
أولاً:- الاعتراف بالجرم هو إقرار المتهم على نفسه بصحة ارتكابه للتهمة المسندة إليه. ومن المستقر عليه قضاءً أنه من الجائز أن يكون الاعتراف وحده دليلاً تأخذ به المحكمة لا سيما وأن الاعتراف في المسائل الجنائية من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحته وقيمته في الإثبات وفي الأخذ به .
ثانياً: تعرف الجنحة بأنها السلوك الذي تكون عقوبته الحبس من 10أيام إلى 3 سنوات أو الغرامة التي يجاوز حدها الأقصى خمسة دنانير.
ثالثاً: شروط إجراء المحاكمة العاجلة:-
1. صدور الاعتراف الكامل بالجرم بناء على إرادة حرة من المتهم .
2. أن يكون الاعتراف في مواد الجنح .
3. أن يكون الاعتراف أمام النيابة العامة أو المحكمة بحسب الأحوال .
4. قبول المحكمة نظر الدعوى وفق الإجراءات العاجلة.
وبعد تحقق هذه الشروط فإنه للنيابة العامة أنْ تحدّد جلسة لنظر هذه الدعوى خلال ثلاثة أيام.
رابعاً: الأثر القانوني في حال قبول المحكمة لنظر الدعوى وفقاً للإجراءات العاجلة:-
يترتب على تطبيق إجراءات المحاكمة العاجلة تخفيف العقوبة المقرَّرة للجريمة بما لا يزيد على نصف حدِّها الأقصى وإذا كان للعقوبة حد أدنى خاص نزلت العقوبة بحدَّيها إلى النصف، ويصدر الحكم في ذات الجلسة. وكما يقال بالمثال يتضح المقال، لو أدين شخص بجنحة يعاقب عليها القانون بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تزيد عن ثلاث سنوات أو الغرامة التي لاتزيد عن ألف دينار ولا تجاوز 5000 دينار.
واعترف إرادياً بالجرم الذي ارتكبه وأبدى رغبته أمام المحكمة في إجراء محاكمة عاجلة له وقبلت المحكمة ذلك فإن للمحكمة أن تنزل بحدي العقوبة إلى النصف بحيث تكون الحبس من شهر ونصف إلى سنة ونصف أو الغرامة التي لا تقل 500 دينار ولا تجاوز 2500 دينار .
خامساً: أسباب رفض المحكمة لنظر الدعوى وفقاً للإجراءات العاجلة:-
للمحكمة أن تقرِّر نظر الدعوى وفقاً للإجراءات العادية وذلك وفقاً للأسباب الآتية :-
1. إذا عدل المتهم أو أحد المتهمين حال تعدُّدهم عن رغبته أو اعترافه الكامل.
2. إذا تخَلَّف المتهم بنفسه أو وكيله بدون عذر عن حضور الجلسة قبل قفْل باب المرافعة.
3. إذا رأت المحكمة من تلقاء نفسها عدم صلاحية الدعوى للفصل فيها بالإجراءات العاجلة.
وفي هذه الحالة تسير الدعوى الجنائية وفقاً للإجراءات العادية وتقضي المحكمة بالعقوبة المقررة في القانون حسب الأحوال .
وتأسيساً على ما تقدم بات جلياً أنه الاستجابة لرغبة المتهم في إخضاعه لمحاكمة عاجلة بناء على اعترافه هي مسألة جوازية وفقاً للقانون، ترجع إلى تقدير ظروف الجريمة ومقتضيات التحقيق لاستظهار أبعادها والنطاق الشخصي للمسؤولية الجنائية فضلاً عن السيرة الجنائية للمتهم، وللمحكمة في المقابل السلطة التقديرية في أن تسير في إجراءات المحاكمة العاجلة، أو أن ترى عدم صلاحية الدعوى للفصل فيها باتباع تلك الإجراءات، وهي شروط وضوابط تضمن الاستفادة من نظام المحاكمة العاجلة كوسيلة للفصل في الدعوى دون إخلال بالعدالة.
سادساً :أهمية المحاكمة العاجلة في تحقيق العدالة الناجزة :-
المحاكمة العاجلة بلا ريب وسيلة لإنهاء الدعوى الجنائية في مراحلها المتقدمة فهي شكل من أشكال الاقتصاد في الوقت والترشيد في الإجراءات وتسريع إدارة العدالة الجنائية بما يفضي إلى نتائج أسرع بكثير مما لو تم السير في الدعوى بالإجراءات الاعتيادية فهي وسيلة فعالة لمواجهة تكدس القضايا وبطء العدالة الجنائية. سيما وأن سرعة الفصل في الدعوى وفقاً لنظام الإجراءات العاجلة، يسهم في تخفيف العبء على سلطات التحقيق والمحاكمة والذي سينعكس إيجاباً على غيرها من الدعاوى الأكثر خطورة، كما لها أبلغ الأثر في توفير الموارد المادية والبشرية، مما يحقق أهداف العدالة الناجزة.
* الشؤون القانونية بوزارة الداخلية
{{ article.visit_count }}
تتجه السياسة الجنائية المعاصرة نحو إيجاد بدائل للسير في الدعوى الجنائية وخصوصاً في المخالفات والجنح، بهدف النهوض بمنظومة العدالة الجنائية من خلال استحداث أنظمة قانونية تساهم في سرعة الفصل في الدعوى الجنائية دون إخلال بالعدالة.
وقد اعتمد المشرع البحريني هذه المنهجية في قانون الإجراءات الجنائية، من خلال استحداث نظام المحاكمة العاجلة في حال الاعتراف الكامل بالجرم في الجنح بحيث يستفيد المتهم من تخفيف العقوبة وذلك بضوابط حددتها «المادة 226 مكرر من قانون الإجراءات الجنائية البحريني. وبناءً على ما تقدم قد يهم القارئ الكريم الإجابة على بعض التساؤلات مثل : ما هو الاعتراف الكامل بالجرم؟ وما هي الجنحة؟ وما هي شروط إجراء المحاكمة العاجلة ؟ وما هو الأثر القانوني في حال قبول المحكمة لنظر الدعوى وفقاً للإجراءات العاجلة؟ وما هي أسباب رفض المحكمة لنظر الدعوى وفقاً للإجراءات العاجلة؟ وما هي أهميتها في تحقيق العدالة الناجزة؟
وبعد عرض هذه الاسئلة الواردة، نود تأكيد جملة من الحقائق القانونية :
أولاً:- الاعتراف بالجرم هو إقرار المتهم على نفسه بصحة ارتكابه للتهمة المسندة إليه. ومن المستقر عليه قضاءً أنه من الجائز أن يكون الاعتراف وحده دليلاً تأخذ به المحكمة لا سيما وأن الاعتراف في المسائل الجنائية من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحته وقيمته في الإثبات وفي الأخذ به .
ثانياً: تعرف الجنحة بأنها السلوك الذي تكون عقوبته الحبس من 10أيام إلى 3 سنوات أو الغرامة التي يجاوز حدها الأقصى خمسة دنانير.
ثالثاً: شروط إجراء المحاكمة العاجلة:-
1. صدور الاعتراف الكامل بالجرم بناء على إرادة حرة من المتهم .
2. أن يكون الاعتراف في مواد الجنح .
3. أن يكون الاعتراف أمام النيابة العامة أو المحكمة بحسب الأحوال .
4. قبول المحكمة نظر الدعوى وفق الإجراءات العاجلة.
وبعد تحقق هذه الشروط فإنه للنيابة العامة أنْ تحدّد جلسة لنظر هذه الدعوى خلال ثلاثة أيام.
رابعاً: الأثر القانوني في حال قبول المحكمة لنظر الدعوى وفقاً للإجراءات العاجلة:-
يترتب على تطبيق إجراءات المحاكمة العاجلة تخفيف العقوبة المقرَّرة للجريمة بما لا يزيد على نصف حدِّها الأقصى وإذا كان للعقوبة حد أدنى خاص نزلت العقوبة بحدَّيها إلى النصف، ويصدر الحكم في ذات الجلسة. وكما يقال بالمثال يتضح المقال، لو أدين شخص بجنحة يعاقب عليها القانون بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تزيد عن ثلاث سنوات أو الغرامة التي لاتزيد عن ألف دينار ولا تجاوز 5000 دينار.
واعترف إرادياً بالجرم الذي ارتكبه وأبدى رغبته أمام المحكمة في إجراء محاكمة عاجلة له وقبلت المحكمة ذلك فإن للمحكمة أن تنزل بحدي العقوبة إلى النصف بحيث تكون الحبس من شهر ونصف إلى سنة ونصف أو الغرامة التي لا تقل 500 دينار ولا تجاوز 2500 دينار .
خامساً: أسباب رفض المحكمة لنظر الدعوى وفقاً للإجراءات العاجلة:-
للمحكمة أن تقرِّر نظر الدعوى وفقاً للإجراءات العادية وذلك وفقاً للأسباب الآتية :-
1. إذا عدل المتهم أو أحد المتهمين حال تعدُّدهم عن رغبته أو اعترافه الكامل.
2. إذا تخَلَّف المتهم بنفسه أو وكيله بدون عذر عن حضور الجلسة قبل قفْل باب المرافعة.
3. إذا رأت المحكمة من تلقاء نفسها عدم صلاحية الدعوى للفصل فيها بالإجراءات العاجلة.
وفي هذه الحالة تسير الدعوى الجنائية وفقاً للإجراءات العادية وتقضي المحكمة بالعقوبة المقررة في القانون حسب الأحوال .
وتأسيساً على ما تقدم بات جلياً أنه الاستجابة لرغبة المتهم في إخضاعه لمحاكمة عاجلة بناء على اعترافه هي مسألة جوازية وفقاً للقانون، ترجع إلى تقدير ظروف الجريمة ومقتضيات التحقيق لاستظهار أبعادها والنطاق الشخصي للمسؤولية الجنائية فضلاً عن السيرة الجنائية للمتهم، وللمحكمة في المقابل السلطة التقديرية في أن تسير في إجراءات المحاكمة العاجلة، أو أن ترى عدم صلاحية الدعوى للفصل فيها باتباع تلك الإجراءات، وهي شروط وضوابط تضمن الاستفادة من نظام المحاكمة العاجلة كوسيلة للفصل في الدعوى دون إخلال بالعدالة.
سادساً :أهمية المحاكمة العاجلة في تحقيق العدالة الناجزة :-
المحاكمة العاجلة بلا ريب وسيلة لإنهاء الدعوى الجنائية في مراحلها المتقدمة فهي شكل من أشكال الاقتصاد في الوقت والترشيد في الإجراءات وتسريع إدارة العدالة الجنائية بما يفضي إلى نتائج أسرع بكثير مما لو تم السير في الدعوى بالإجراءات الاعتيادية فهي وسيلة فعالة لمواجهة تكدس القضايا وبطء العدالة الجنائية. سيما وأن سرعة الفصل في الدعوى وفقاً لنظام الإجراءات العاجلة، يسهم في تخفيف العبء على سلطات التحقيق والمحاكمة والذي سينعكس إيجاباً على غيرها من الدعاوى الأكثر خطورة، كما لها أبلغ الأثر في توفير الموارد المادية والبشرية، مما يحقق أهداف العدالة الناجزة.
* الشؤون القانونية بوزارة الداخلية