بعد أيام من الجريمة النكراء التي أودت بحياة أبنائنا المرابطين على الحد الجنوبي داخل حدود المملكة العربية السعودية، كان لا بد من بحث الأمر بتعقل وبعيداً عن مشاعر الحزن والغضب والرغبة في الانتقام والتي عادة ما تصاحب الحدث وتجعل الناس لا يفكرون بعقلانية.
لكن حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم، حفظه الله ورعاه، وفي نفس اليوم واللحظة، وفي أثناء ما كان جلالته حفظه الله يشارك المواطنين أحزانهم وغضبهم، كان يفكر بعقلانية القائد الحكيم، ويضع الكرة في ملعب هؤلاء الذين يدّعون السلام والإسلام بينما ما زالت أيديهم ملطخة بدماء البحرينيين واليمنيين، بل جميع الأشقاء المشاركين في إعادة الأمل لليمن المسروق المحروق.
فحين عقد جلالة الملك المعظم رعاه الله، اجتماعاً في أثناء زيارة القيادة العامة لقوة الدفاع، ذكر جلالته حفظه الله في مجمل الحديث أنه «إذا كان الحوثيون يستنكرون من قام بالعمل الإجرامي الذي أودى بحياة ثلاثة من جنود الوطن خلال سريان الهدنة الأممية، فمن الواجب على الحوثيين القبض عليهم وتسليمهم للبحرين أو للتحالف العربي ليأخذ القانون مجراه».
لقد كان هذا التصريح مفاجئاً ومحرجاً لهؤلاء الذين يمدون يداً للسلام ويخبئون خنجراً في اليد الأخرى، فقد أدرك جلالته رعاه الله، أن استنكار الحوثيين للجريمة ما هو إلا عبارات للاستهلاك الدبلوماسي والإعلامي، فبادر إلى تحميلهم مسؤولية البحث عن المجرمين وتسليمهم سواء للبحرين أو للتحالف العربي، ودفع إليهم بيد القانون ليكون حكماً في هذه الإشكالية.
كذلك شدد جلالته حفظه الله، على ضرورة مراعاة مصالح الجمهورية اليمنية الشقيقة في المنطقة، وهو ما يؤكد أن تضحيات البحرين بأبنائها لم يأتِ إلا تحقيقاً لمصلحة اليمن الشقيق، وأن تلك العصابة لا تعرف مصلحة اليمن ولا تعترف بالقوانين الدولية.
لقد أراد جلالة الملك المعظم حفظه الله، أن يكشف صغر حجم هؤلاء الحوثيين، ويكشف للعالم أنهم ليسوا دعاة سلام ولا يمثلون الشعب اليمني، بل هم «كارتل» استعان بأسلحة من دول أجنبية لكي يقتل شعبه وكل من يقف منهم ضد جرائمه المستمرة ليل نهار.
ولقد بين جلالة الملك المعظم حفظه الله ورعاه، في كلمات بسيطة، مدى خطورة ترك أسلحة فتاكة في يد هؤلاء الذين لا يعرفون متى يستخدم السلاح ومتى يُعوَّض بالعمل الدبلوماسي، وكأنه يحذر العالم من خطورة ترك السلاح في غرف الأطفال لأنهم سيقتلون من في البيت جهلاً منهم بما يفعلون.
أخيراً وليس آخرا.. فكلما بحثنا خلف حروف كلمات جلالة الملك المعظم رعاه الله، نجد الكثير من الأمور التي تستوجب البحث والدراسة والتمحيص، وفي الوقت ذاته نحاول علّنا ندرك هذه العقلية أو نقتبس منها قبساً. ومن هذا المقام نود أن نعرب عن خالص تعازينا ومواساتنا للقيادة الرشيدة وللشعب البحريني ولأهالي الشهداء من الجنود البواسل وندعو الله أن يشفي الجرحى والمصابين منهم وأن يحفظ جنودنا الأبطال أينما كانوا.
* قبطان - رئيس تحرير جريدة«ديلي تربيون» الإنجليزية