لنرفع القبعة لكل معلم، وله منا ألف تحية، فكلنا نحتفي به في يوم المعلم، وهو الخامس من شهر أكتوبر من كل عام، فيحتفي به الطلاب وأولياء الأمور؛ ليعبروا له بهذه المناسبة عن تقديرهم له. ولكن كم سمعنا شكوى بعض المعلمين من عدم تقدير الطلاب لهم، فيرون أن المعلم لم يحصل على المكانة الاجتماعية التي يستحقها. قد لا أتفق مع هذه الفئة من المعلمين، هم يشعرون بذلك لأنهم في قلب المشهد، فهم يتعاملون مع الطلاب وهم صغار لم ينضجوا بعد، ولكن فليثق كل معلم بأنه سيجني الثمر من طلابه عندما يكبرون، فسيضعونه موضع التقدير، ألم تروا ما صنعه الطلاب عندما أنشأوا حساباً إلكترونياً مخصصاً لذكر مناقب معلميهم تقديراً لهم، ألم تروا ما صنعه الطلاب عندما أنشأوا قناة يوتيوب ليوثقوا فيها خبرات التربويين تقديراً منهم لمعلميهم، واسأل زملاءك المعلمين كيف يحتفي بهم طلابهم عندما يكبرون ويجعلونهم يتصدرون المجالس.
أيها المعلم كن معلماً تربوياً ولا تكن معلماً فقط؛ فالطالب يعلق في ذاكرته مواقف المعلم أكثر من الدروس التي يشرحها، فكن قدوة لهم، احتفظ برزانتك، وكن دقيقاً في اختيار ألفاظك في الحديث معهم، وتجنب الألفاظ الجارحة عند غضبك، وحاذر كل الحذر من ألفاظ السب والشتم، فأنت بسلوكك اليوم مع طلابك تصنع مقامك في المجتمع في الغد.
أيها المعلم تذكر أنك مربٍّ فكن قدوة لهم، فهم يرصدون مدى إخلاصك في عملك، ويرصدون مدى صدقك في أدائك، فأظهر لهم إيمانك بمهنتك وقناعتك بأن تعليمهم رسالة أنت تسعى لتحقيقها، وأن بناء شخصيتهم وإعدادهم ليكونوا قادة المستقبل هدف تسعى له، فإذا ما وفقت في نقل هذه الرسالة إليهم، ونقلت إليهم قناعتك بأهمية مهنة التدريس، فسترسم صورة جميلة لنفسك أمام أعينهم، وسيظلون ممتنين لك لأنك أضفت لتكوينهم، وستظل محل تقديرهم، فبسلوكك هذا تصنع مقامك بينهم في الغد.
أيها المعلم: لا تنشغل بتحضير الدروس، وشرحها، وإعداد الوسائل التعليمية، وتهمل التحضير لرسم صورتك أمام أعين طلابك، فاهتم بهندامك، ومظهرك، واهتم بشخصيك، فلا تمضغ اللبان أمامهم، ولا تظهر انفعالات غير متزنة أمامهم، واهتم بتصرفاتك معهم، ولا تتصرف بتلقائية وعفوية ظناً منك أنهم صغار لا يدركون ولا يرصدون تصرفاتك، بل إن جميع تصرفاتك ستبقى في ذاكرتهم وسيضعونك في المقام الذي ترسمه أنت اليوم بينهم، فأنت تصنع مقامك في الغد. أيها المعلم: أنت تدرس المئات من الطلاب الذين سيكونون رجال الغد، فتعاملك معهم اليوم يصنع سمعتك في الغد، فكن تربوياً تغنم.