مع إطلالة العام الدراسي الجديد 2023 -2024 هناك العديد من الآمال والطموحات التي يترقبها المجتمع، وعلى رأسها الارتقاء بالمستوى التعليمي وجعل مملكة البحرين في مصاف الدول المتقدمة تعليمياً، وإذا أردنا أن نجعل هذا العام الدراسي بداية لهذه النهضة فيجب تقسيم المسؤولية على الجميع وعدم حصرها في وزارة التربية والتعليم فقط، فمن المنزل تبدأ هذه المسيرة.
بداية نقول لقد استقبلت وزارة التربية والتعليم العام الدراسي الجديد بقرارات هامة وتاريخية، ومنها تعديل الدوام المدرسي، واستكمال هيكل التعليم العالي، وتسجيل مواليد سبتمبر حتى ديسمبر من العام 2017، ومبادرة لتمكين النزلاء في مراكز الإصلاح والتأهيل من مواصلة دراستهم الجامعية، فضلا عن قرار إتاحة الدور الثالث للمرحلتين الإعدادية والثانوية.
وفي اعتقادي أنها قرارات سيذكرها التاريخ نظرا إلى آثارها الإيجابية على الطلاب وعلى المجتمع بصفة عامة، ويجب علينا كأولياء أمور وكمثقفين وكمجتمع أن نقدم كل التعاون مع وزارة التربية والتعليم من أجل نهضة الصروح التعليمية التي تباشرها الوزارة لتكون نموذجا تعليميا فريدا تضاهي أرقى الدول، فالشراكة المجتمعية عمود أساسي للنهضة التعليمية.
ولقد سبق أن تحدثنا عن مبادرة وزارة التربية والتعليم في تعديل الدوام المدرسي لكافة المراحل الدراسية، وتطرقنا إلى آثار ذلك وانعكاسه على المجتمع، وها نحن اليوم وبعد مضي أسابيع على بداية العام الدراسي يمكن للجميع مشاهدة التحسن الملحوظ في الانضباط الطلابي، وانعكاس ذلك على حركة السير في الطرق والشوارع حيث خفت الازدحامات، فضلا عن الوُجود الأسرى بين الطلاب وعائلاتهم مما سيكون له الأثر الكبير في التحصيل العلمي.
وفي خطوة هامة جدا في مسيرة وزارة التربية والتعليم تخطو وزارة التربية والتعليم خطوة جبارة نحو آفاق جديدة في مسيرة الخير والعطاء والإصلاح، فقد صرح وزير التربية والتعليم الدكتور محمد بن مبارك جمعة في وقت سابق عن إتاحة الدور الثالث للطلبة المتعثرين دراسياً، بمعنى الطلبة الذين رسبوا في مادة أو مادتين ودخلوا الدور الثاني ثم رسبوا فيه، فإنه سيتم إعطاؤهم فرصة ثالثة، تتمثل في اختبارات الدور الثالث.
وبين وزير التربية والتعليم أن الهدف من استحداث الدور الثالث هو مساعدة الطلبة المتعثرين دراسياً والمقبلين على الانتقال إلى المرحلة الدراسية التالية، بحيث يتم منح فرصة مع بدء العام الدراسي من شأنها أن توفر عليهم، لو قاموا باستغلالها بالشكل الجيد، عناء الاستمرار في المرحلة الدراسية أو النظام التعليمي لسنوات أخرى دون تحقيق الشهادة التعليمية المطلوبة.
وأكد الوزير على أهمية هذه الفرصة وعدم تفويتها من قبل الطلبة والعمل على الاستفادة منها لتحقيق النجاح والانتقال إلى المرحلة التالية، وذلك من خلال الإعداد الجيد لخوض الامتحانات كل حسب المواد أو المقررات التي تعثر فيها.
وفي هذا السياق فقد جرت خلال الفترة الماضية اختبارات الدور الثالث للمرحلتين الإعدادية والثانوية، حيث تم التصريح من قبل وزير التربية والتعليم عن انتهاء عمليات تصحيح ورصد نتائج الدور الثالث للطلبة الصف الثالث الإعدادي الذين تعثروا في دراستهم للعام الدراسي الماضي وما قبله، وبين الوزير أن عدد طلبة الصف الثالث الإعدادي المتعثرين الذين شملهم اختبار الدور الثالث بلغ ما مجموعه 126 طالباً وطالبة من مختلف المدارس الحكومية، حيث تمكن 90 طالباً وطالبة منهم من تحقيق الحد الأدنى من متطلبات النجاح، بنسبة 71%، في حين لم يتمكن 36 طالباً وطالبة من تحقيق متطلبات النجاح إما بسبب الرسوب مجدداً أو الغياب عن اختبارات الدور الثالث.
وسيترتب على ذلك انتقال 90 طالباً من أصل 126 طالباً متعثراً إلى المرحلة الثانوية. في حين سيعيد 36 طالباً متبقياً، من أصل 126 طالباً، مرحلة الثالث الإعدادي نتيجة عدم استغلالهم فرصة الدور الثالث بالشكل الأمثل لغيابهم عن الاختبارات أو رسوبهم فيها بشكل تام.
كما أعلن وزير التربية والتعليم أنه سيتم إرسال شهادات الطلبة إلى مدارسهم الإعدادية لاستلامها والانتقال إلى المدارس الثانوية، وتم تكليف المدارس التي سيسجلون بها لمتابعة سجلاتهم الأكاديمية وتقديم الدعم اللازم لهم لاستكمال مشوارهم الدراسي.
وفي ما يتعلق بالدور الثالث للمرحلة الثانوية فقد أعلن وزير التربية والتعليم عن انتهاء عمليات رصد نتائج الطلبة المتعثرين دراسياً والمتقدمين لامتحانات الدور الثالث للمرحلة الثانوية والصناعية، وأسفرت عن نجاح 82% من إجمالي عدد المتقدمين لهذه الامتحانات، والبالغ عددهم 1154 طالباً وطالبة، حيث نجح منهم 943 طالباً وطالبة، وحققوا بذلك متطلبات التخرج من الثانوية العامة أو الانتقال إلى المستوى التالي بالنسبة إلى طلبة الصفين الأول والثاني الثانوي.
ومما لا شك فيه أن هذه القرارات لها الدور البارز في تجديد آمال الطلبة وبناء طموحاتهم وإعطائهم الفرص الكبيرة لصنع المستقبل كونهم قادرين على المساهمة في بناء مسيرة الدولة وإثرائها بعطائهم.
فضلا عن ذلك فإنني أرى أن هذه القرارات تتوافق مع ما وفرته القيادة الرشيدة من جهود دؤوبة في بناء صروح تعليمية تلبي كافة الاحتياجات وتوفر تعليما مستداما يعكس طموحات المجتمع البحريني ومواجهة التحديات، وعلى المشاركة الفاعلة في تلبية الآمال والطموحات.
ونحن نرى أيضا أن إتاحة الدور الثالث للطلبة هو قرار يتم تطبيقه لأول مرة في البحرين، ونرى أنها خطوة سباقة، وسنة حسنة، ستكون خطوة لباقي الدول لتعميم التجربة، وسيحتسب للبحرين القيام بهذه الخطوة الفريدة من نوعها.
أما على المستوى المجتمعي فإن هذا القرار قد أثلج صدور الطلبة المتعثرين وأهاليهم وعموم الطلبة لأنه أعطاهم الأمل في كلتا المرحلتين الإعدادية والثانوية في المثابرة والنجاح، ذلك أن اجتياز المواد في الدور الثالث معناه الانتقال من المرحلة الإعدادية إلى المرحلة الثانوية، أو التخرج من المرحلة الثانوية والحصول على شهادة الثانوية العامة، وهي تمثل أملا جديدا لكل طالب.
ختاما أقول شكراً لوزير التربية والتعليم على ما تقدم من قرارات أثلجت صدورنا وأسعدت المجتمع نظرا للتيسير الذي أدخلته على الطلبة المتعثرين وأسرهم وبذلك هي قرارات تطويرية نظرا لما تحمله من نهج متوازن ومتكامل، هدفها التنمية المستدامة، وغايتها مصلحة الطالب أولا، وتستهدف إعداد أجيال الحاضر والمستقبل لمواكبة التطورات ومواجهة التحديات والمتغيرات التي ينتجها العالم الحديث.
* مدير الإدارة القانونية بالمحكمة الدستورية سابقا