إن أرادت إسرائيل السلام الدائم فلابد أن تقبل أن يكون للفلسطينيين دولة لها سيادة كاملة على أرضها، فإن نجحت في القضاء على حماس وبقيت الحقوق منقوصة فستظهر حماس أخرى؛ فالمتطرفون لا يظهرون إلا بسبب وجود متطرفين على الجانب الآخر.
التعايش يتطلب شجاعة من الطرفين بقبول الآخر، وهذا ما تدعو إليه الدول العربية المعتدلة ومنها البحرين.
وإن اعتقدت إسرائيل أن ما فعلته حماس منحها شيكاً على بياض دولياً يجيز لها أن تفعل ما تشاء فإن ذلك الشيك بدأ يفقد قوته وضماناته بسبب سوء استغلاله!!
إسرائيل بدأت تخسر التعاطف الدولي الذي حظيت به في الأيام الأولى، وذلك بسبب ردة فعلها التي تجاوزت حق القصاص من الفاعلين إلى اتخاذ ارتكاب جرائم من أجل تهجير مليوني فلسطيني، وذلك بحرق أرضهم وقتل أطفالهم وتشتيت شمل عوائلهم.
تماديها في الرد بدأ يؤتي عكس ما حظيت به في الأيام الأولى، حتى تجرأت وزيرة الحقوق الاجتماعية الإسبانية وطالبت بتقديم رئيس وزراء إسرائيل إلى المحكمة الجنائية بتهمة ارتكاب جريمة حرب في غزة، وذلك ما كان ليحدث في 7 و8 و9 أكتوبر.
ورفضت كل الدول التي زارها بلينكن وزير خارجية أمريكا ضغوطاً أمريكية بتهجير أهل غزة، وأهم أسباب الرفض كان ردة فعل إسرائيل الهمجية، رفضت مصر والسعودية والبحرين والإمارات جميع الضغوط الأمريكية، بل إن مصر رفضت فتح معابرها لخروج أمريكان محاصرين مع أهل غزة قبل أن تفتح المعابر لدخول المساعدات الإنسانية لهم.
جولة بلينكن أكدت له أن فكرة تهجير أهل غزة مرفوضة تماماً وأن الدول التي رفضتها كانت حازمة؛ فصرح بذلك في مؤتمره الصحفي وقال: «كل الشركاء أكدوا أهمية بقاء الفلسطينيين في أرضهم وبيوتهم»، بل قال: «إن فكرة طرد الفلسطينيين من غزة محكومة بالفشل»، «سكاي نيوز عربية».
وما قاله الرئيس عبدالفتاح السيسي لبلينكن وهو مصور صوتاً وصورة لمن دأب على التكذيب «أؤكد لك وأنت يهودي أن اليهود ليسوا مستهدفين من العرب فقد تربى هو نفسه في حي جيرانه كانوا يهوداً ويعيشون بيننا في سلم وأمان» وهذا ينطبق على كل اليهود العرب الذين مازالوا بين ظهرانينا، فهم مواطنون وأشقاء وأكثر من أهل.
حتى صرح الرئيس الأمريكي جو بايدن بقوله «أعتقد أنه من الخطأ أن تقوم إسرائيل باحتلال قطاع غزة مرة أخرى وأعتقد أنه يجب القضاء على حماس، لكن يجب أن يكون هناك مسار نحو دولة فلسطينية»، «قناة سي بي إس الأمريكية».
ردود الأفعال الدولية اتخذت نبرة مختلفة عن الأيام الأولى التي فتحت الباب على مصراعيه لإسرائيل لترد على من هاجم المدنيين الإسرائيليين المسالمين، فإذ بإسرائيل تتخذ هذا الضوء الأخضر لقتل آلاف الأطفال والنساء العزل المدنيين.
وكلها أيام وسينقلب السحر على الساحر ومشاهد الموت في غزة الممنوعة من العرض ستجد لها طريقاً إلى بقية العالم وسيسحب ذلك الضوء الأخضر، لذا إن أرادت إسرائيل سلاماً دائماً فلتتبع الخط العربي المعتدل الذي يقدم لها الضمانات مقابل الضمانات.
السؤال الآن لجماعة «الإخوان» من الخليج العربي، وهم من يعنونني، من الذي يقف مع أهل غزة؟ من الذي يرفض تهجير الغزاويين ويرفض الضغوط الأمريكية؟ إنهم أنظمة الدول التي داست إعلامهم وشتمتهم حماس التي تمجدونها ورفعت بالمقابل صور عدوهم وجعلته بطلاً، إنهم حكومات الدول التي خونتهم حماس بأمر من إيران وصدقتموهم.
محور المقاومة يا «إخوان» ثبتت عمالته، إنه يعمل وفقاً للمصالح الإيرانية والتوقيت الإيراني المناسب لتلك المصالح، أما ضحاياه فقلة من الإسرائيليين وآلاف من الفلسطينيين، وبالمقابل ما الذي ستقدمه إيران لأهالي غزة؟
في حين تعمل الدول العربية التي تهاجمون حكوماتها على تقديم المساعدات وإيجاد حل دائم للفلسطينيين؛ فتلك هي قضيتهم الأولى التي اجتمعوا عليها.