في ردها على لجنة التحقيق البرلمانية حول مستوى معيشة المواطن أكدت وزارة التنمية الاجتماعية أن عدد المستفيدين من الدعم الحكومي المقدم من وزارة التنمية الاجتماعية يبلغ 342 ألف شخص وذلك على صعيد جميع البرامج بدءاً من الدعم المالي مروراً بعلاوة اللحوم وليس انتهاءً بالضمان الاجتماعي، فإذا أخذنا في الاعتبار أن تعداد المواطنين البحرينيين يبلغ 714 ألف مواطن، يعني ذلك أن الحكومة تقدم الدعومات إلى ما يقارب 50% من البحرينيين!!
هناك إذاً خلل ما في مكان ما جعل نصف المواطنين تنطبق عليهم شروط الحاجة والدعم، ومن غير الطبيعي أن تظل هذه الشريحة التي تستحق الدعم تكبر وتكبر كل عام في حين أن هدفنا هو تقليص هذه الشريحة وزيادة رقعة الطبقة المتوسطة التي لا تحتاج إلى دعم حكومي.
إنما علينا أن نأخذ في الاعتبار أن أكثر من 180259 شخصاً من المنتفعين هم منتفعو التعويض النقدي مقابل رفع الدعم عن اللحوم، بميزانية 29 مليون دينار سنوياً، بمعنى أن نصف عدد المنتفعين هم الذين يستفيدون من دعم اللحوم فقط، «هناك أسر تستفيد من أكثر من نوع من أنواع الدعم».
قيمة دعم اللحوم هي الوحيدة التي يستلمها المواطن «كاش» نقداً ويتصرّف بها كما يشاء إن أراد أن يأكل بها لحمة أو أراد أن يقضيها بـ«عدس» طول الشهر.
المسألة الثانية؛ دعم الحكومة لا يتوقف عند وزارة التنمية الاجتماعية، فالحكومة تدعم الكهرباء والماء وتدعم الطحين والعديد من السلع الأخرى، وتقدم التعليم والعلاج والوقاية «كالتطعيمات وخلافه» مجاناً وتبني البيوت السكنية بدون أرباح وتوظف وتدفع رواتب أكثر من 100 ألف بحريني، وتدعم رواتب القطاع الخاص.
الزبدة أن دعم الحكومة كبير جداً جداً وموزّع على خدمات وسلع كثيرة، المشكلة أن المواطن لا يشعر بها، والمسألة الأخرى أن هذا الدعم يفرض عليه اختيارات، وليس كدعم اللحوم مثلاً الذي أخذه «كاش» من الحكومة واختار هو ما يريد أن يأكله.
السياسات الاقتصادية للدول تتنوع، إما أن تقدم الدعم للخدمات والسلع فيستلم المواطن الخدمة أو السلعة مخفضة السعر مدعومة من الدولة، وإما أن تضع الدولة قيمة السلع أو الخدمة «كاش» في يد المواطن وتترك له حرية اختيار النوعية والجودة التي يريدها «سياسات الدعم وأنواعها».
هناك دول كثيرة سياستها الاقتصادية هي بتقديم «الكاش» للمواطن وعدم دعم أي خدمة أو سلعة، ولكن هل هذه السياسة هي الأفضل؟
هل المواطن في هذه الدولة يعيش ظروفاً أفضل ورفاهية أكبر وجودة حياة أفضل؟ أم أن تلك السياسة أدت إلى غلاء وأسعار عالية، وبالآخر المواطن يعجز عن شرائها؟
وهل الخدمات التي يحصل عليها المواطن بفلوسه «الكاش» أفضل من تلك التي كان يحصل عليها مجاناً من الحكومة؟ فهل مستوى تعليم هؤلاء مثلاً ومستوى صحتهم أفضل ومستوى سكنهم أفضل؟
بالنسبة للبحرين، اختارت الحكومة أن تقدم العديد من الخدمات والسلع إما مجاناً أو مدعومة، ولا نستطيع إلا أن نعطي التقدير لجميع الخدمات المجانية التي تقدمها الحكومة كمستوى مقارنة مع أي خدمات حكومية مجانية في أي دول أخرى، لا تقارن مثلاً أي مستشفى حكومي بحريني مع أي مستشفى حكومي في دولة أخرى من حيث المنشآت والأدوية والمعدات والأجهزة والكفاءة، مهما انتقدنا ومهما حصل من تقصير، ولك أن تنظر حولك وإلى أغنى الدول حتى الخليجية منها وتقارن المستشفيات الحكومية هناك تحديداً مع مستشفياتنا الحكومية، والمثال ينطبق أيضاً على التعليم، ولدينا الكثير مما يقال حول النواقص وأوجه القصور، إنما حين تقارن مدارسنا ومعلمينا الذين يعملون في الحكومة مع أي نظام تعليمي حكومي خليجي، فالبحرين لن تكون إلا في المراكز الثلاثة الأولى.
والإشكالية السنوية المتكررة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية حين إقرار الميزانية هي بسبب الرغبة في تحسين جودة الخدمات المجانية للتوافق مع المتاح من الموارد.
ما المشكلة إذاً؟ المشكلة أن هذه الخدمات المجانية والسلع المدعومة عادة ما تقدَّم إلى فئة ذوي الدخل المحدود، تلك هي سياسة الدعم توضع للشريحة المحتاجة، لا للغالبية العظمى من المواطنين، إنما ما العمل وغالبية المواطنين ينطبق عليهم أنهم من ذوي الدخل المحدود؟! هذه ليست دعوة لرفع الدعم عن المواطنين، فقط للتوضيح.
الإشكالية والخطأ الحاصل عندنا أن الغالبية من الطلبة البحرينيين في المدارس الحكومية والغالبية في المستشفيات الحكومية والغالبية على قوائم وزارة الإسكان والغالبية يتلقون دعماً للحوم.. إلخ، أي أن غالبية المواطنين هم فعلاً من ذوي الدخل المحدود، أما الطبقة المتوسطة التي يفترض فيها الاعتماد على نفسها نتيجة أن دخلها يجعلها لا تعتمد على الدعوم وتستطيع أن تختار خدمات وسلعاً أعلى جودة تقلصت عاماً بعد عام، والعديد منهم يكمل الناقص بالديون من البنوك للحفاظ على بقائه في تلك الطبقة.
وحول تعريف وزارة التنمية للمواطنين من ذوي الدخل المحدود، قالت الوزارة إنه مبني على المعايير التي تم التوافق عليها مع السلطة التشريعية في العام 2013، والتي حددت بألا يتجاوز دخل رب الأسرة 1000 دينار شهرياً.
وفي التفاصيل، ذكرت الوزارة أنه بحسب آخر الأرقام، يتلقى 17543 مستفيداً دعماً من الضمان الاجتماعي، و130692 مستفيداً علاوة الغلاء، و13476 مستفيداً من مخصصات الإعاقة «طبعاً هذا غير المؤسسة الملكية التي تقدم الدعم للأرامل والأيتام».
مبالغ ليست قليلة التي تخصصها الدولة للمواطنين ورفاهيتهم والحفاظ على جودة حياتهم، إنما هناك خلل لم نتمكن من أن نضع يدنا عليه بعد جعل غالبية المواطنين البحرينيين هم من ذوي الدخل المحدود وينتظرون الدعم من الحكومة، وهذا هو الوضع، غير طبيعي. فمهمتنا إذاً تتلخص في توسيع رقعة الطبقة المتوسطة وتقليص رقعة ذوي الدخل المحدود، وهذه هي المهمة التي يجب أن تشغل السلطتين، لا أن ينشغلوا بزيادة الاعتماد على الدعوم وينشغلوا بإعادة توزيعها.
نريد أن نحسّن دخل غالبية الشعب البحريني ونقله من ذوي الدخل المحدود إلى الطبقة المتوسطة.
هناك إذاً خلل ما في مكان ما جعل نصف المواطنين تنطبق عليهم شروط الحاجة والدعم، ومن غير الطبيعي أن تظل هذه الشريحة التي تستحق الدعم تكبر وتكبر كل عام في حين أن هدفنا هو تقليص هذه الشريحة وزيادة رقعة الطبقة المتوسطة التي لا تحتاج إلى دعم حكومي.
إنما علينا أن نأخذ في الاعتبار أن أكثر من 180259 شخصاً من المنتفعين هم منتفعو التعويض النقدي مقابل رفع الدعم عن اللحوم، بميزانية 29 مليون دينار سنوياً، بمعنى أن نصف عدد المنتفعين هم الذين يستفيدون من دعم اللحوم فقط، «هناك أسر تستفيد من أكثر من نوع من أنواع الدعم».
قيمة دعم اللحوم هي الوحيدة التي يستلمها المواطن «كاش» نقداً ويتصرّف بها كما يشاء إن أراد أن يأكل بها لحمة أو أراد أن يقضيها بـ«عدس» طول الشهر.
المسألة الثانية؛ دعم الحكومة لا يتوقف عند وزارة التنمية الاجتماعية، فالحكومة تدعم الكهرباء والماء وتدعم الطحين والعديد من السلع الأخرى، وتقدم التعليم والعلاج والوقاية «كالتطعيمات وخلافه» مجاناً وتبني البيوت السكنية بدون أرباح وتوظف وتدفع رواتب أكثر من 100 ألف بحريني، وتدعم رواتب القطاع الخاص.
الزبدة أن دعم الحكومة كبير جداً جداً وموزّع على خدمات وسلع كثيرة، المشكلة أن المواطن لا يشعر بها، والمسألة الأخرى أن هذا الدعم يفرض عليه اختيارات، وليس كدعم اللحوم مثلاً الذي أخذه «كاش» من الحكومة واختار هو ما يريد أن يأكله.
السياسات الاقتصادية للدول تتنوع، إما أن تقدم الدعم للخدمات والسلع فيستلم المواطن الخدمة أو السلعة مخفضة السعر مدعومة من الدولة، وإما أن تضع الدولة قيمة السلع أو الخدمة «كاش» في يد المواطن وتترك له حرية اختيار النوعية والجودة التي يريدها «سياسات الدعم وأنواعها».
هناك دول كثيرة سياستها الاقتصادية هي بتقديم «الكاش» للمواطن وعدم دعم أي خدمة أو سلعة، ولكن هل هذه السياسة هي الأفضل؟
هل المواطن في هذه الدولة يعيش ظروفاً أفضل ورفاهية أكبر وجودة حياة أفضل؟ أم أن تلك السياسة أدت إلى غلاء وأسعار عالية، وبالآخر المواطن يعجز عن شرائها؟
وهل الخدمات التي يحصل عليها المواطن بفلوسه «الكاش» أفضل من تلك التي كان يحصل عليها مجاناً من الحكومة؟ فهل مستوى تعليم هؤلاء مثلاً ومستوى صحتهم أفضل ومستوى سكنهم أفضل؟
بالنسبة للبحرين، اختارت الحكومة أن تقدم العديد من الخدمات والسلع إما مجاناً أو مدعومة، ولا نستطيع إلا أن نعطي التقدير لجميع الخدمات المجانية التي تقدمها الحكومة كمستوى مقارنة مع أي خدمات حكومية مجانية في أي دول أخرى، لا تقارن مثلاً أي مستشفى حكومي بحريني مع أي مستشفى حكومي في دولة أخرى من حيث المنشآت والأدوية والمعدات والأجهزة والكفاءة، مهما انتقدنا ومهما حصل من تقصير، ولك أن تنظر حولك وإلى أغنى الدول حتى الخليجية منها وتقارن المستشفيات الحكومية هناك تحديداً مع مستشفياتنا الحكومية، والمثال ينطبق أيضاً على التعليم، ولدينا الكثير مما يقال حول النواقص وأوجه القصور، إنما حين تقارن مدارسنا ومعلمينا الذين يعملون في الحكومة مع أي نظام تعليمي حكومي خليجي، فالبحرين لن تكون إلا في المراكز الثلاثة الأولى.
والإشكالية السنوية المتكررة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية حين إقرار الميزانية هي بسبب الرغبة في تحسين جودة الخدمات المجانية للتوافق مع المتاح من الموارد.
ما المشكلة إذاً؟ المشكلة أن هذه الخدمات المجانية والسلع المدعومة عادة ما تقدَّم إلى فئة ذوي الدخل المحدود، تلك هي سياسة الدعم توضع للشريحة المحتاجة، لا للغالبية العظمى من المواطنين، إنما ما العمل وغالبية المواطنين ينطبق عليهم أنهم من ذوي الدخل المحدود؟! هذه ليست دعوة لرفع الدعم عن المواطنين، فقط للتوضيح.
الإشكالية والخطأ الحاصل عندنا أن الغالبية من الطلبة البحرينيين في المدارس الحكومية والغالبية في المستشفيات الحكومية والغالبية على قوائم وزارة الإسكان والغالبية يتلقون دعماً للحوم.. إلخ، أي أن غالبية المواطنين هم فعلاً من ذوي الدخل المحدود، أما الطبقة المتوسطة التي يفترض فيها الاعتماد على نفسها نتيجة أن دخلها يجعلها لا تعتمد على الدعوم وتستطيع أن تختار خدمات وسلعاً أعلى جودة تقلصت عاماً بعد عام، والعديد منهم يكمل الناقص بالديون من البنوك للحفاظ على بقائه في تلك الطبقة.
وحول تعريف وزارة التنمية للمواطنين من ذوي الدخل المحدود، قالت الوزارة إنه مبني على المعايير التي تم التوافق عليها مع السلطة التشريعية في العام 2013، والتي حددت بألا يتجاوز دخل رب الأسرة 1000 دينار شهرياً.
وفي التفاصيل، ذكرت الوزارة أنه بحسب آخر الأرقام، يتلقى 17543 مستفيداً دعماً من الضمان الاجتماعي، و130692 مستفيداً علاوة الغلاء، و13476 مستفيداً من مخصصات الإعاقة «طبعاً هذا غير المؤسسة الملكية التي تقدم الدعم للأرامل والأيتام».
مبالغ ليست قليلة التي تخصصها الدولة للمواطنين ورفاهيتهم والحفاظ على جودة حياتهم، إنما هناك خلل لم نتمكن من أن نضع يدنا عليه بعد جعل غالبية المواطنين البحرينيين هم من ذوي الدخل المحدود وينتظرون الدعم من الحكومة، وهذا هو الوضع، غير طبيعي. فمهمتنا إذاً تتلخص في توسيع رقعة الطبقة المتوسطة وتقليص رقعة ذوي الدخل المحدود، وهذه هي المهمة التي يجب أن تشغل السلطتين، لا أن ينشغلوا بزيادة الاعتماد على الدعوم وينشغلوا بإعادة توزيعها.
نريد أن نحسّن دخل غالبية الشعب البحريني ونقله من ذوي الدخل المحدود إلى الطبقة المتوسطة.