جلالة الملك المعظم حفظه الله ورعاه أصدر في عام 2017 -أي قبل حوالي ست سنوات- قانون العقوبات البديلة، هذا القانون إضافة إلى أنه يعد نقلة نوعية في التشريع فإنه يعزز من مكانة مملكة البحرين على الصعيدين الدولي والإنساني.
فالمادة الثالثة من هذا القانون تؤكد أن العمل في خدمة المجتمع يكون بتكليف المحكوم عليه وبموافقته بالعمل لصالح إحدى الجهات دون مقابل، شريطة أن يكون هذا العمل متوافقاً مع مهنة المحكوم عليه، إن أمكن، وألا تزيد مدته على سنة وبما لا يجاوز ثماني ساعات يومياً.
ولعلنا لا نبالغ إذا قلنا إن هذا القانون يعتبر خطوة مهمة في تعزيز حقوق الإنسان، وخاصة إذا عرفنا أن عدد النزلاء الذين استفادوا من هذا القانون بلغوا الآلاف من المحكوم عليهم من الرجال والنساء، وذلك منذ البدء بتنفيذه في السادس عشر من مايو 2018.
وحتى نتعرف أكثر على هذا القانون الإنساني نقول إن هذا القانون حدد سبعاً من العقوبات البديلة، منها خدمة المجتمع والإقامة الجبرية في مكان محدد والخضوع للمراقبة الإلكترونية، وحضور برامج التأهيل والتدريب وإصلاح الضرر الناتج عن الجريمة، وإن كان التركيز في الوقت الراهن على خدمة المجتمع.
ولعل أهم الأهداف التي وضعها جلالة الملك المعظم من وراء هذا القانون مراعاة ظروف المحكومين بمنحهم سبل استئناف دورهم الإيجابي في خدمة المجتمع.. فهذه العقوبة البديلة تطبق بدلاً من العقوبة السالبة للحرية أو تخفيفاً لها مقابل إلزام الجاني بأعمال أو تعهدات محددة، مثل أعمال الزراعة وصيانة المباني.
ولقد جاء هذا القانون متماشياً مع تشريعات وتجارب دولية أثبتت نجاحاً ملموساً، ما يعطي القاضي مساحة أكبر لإعمال تقديراته ولاختيار بدائل للعقوبات السالبة للحرية إذا اقتضى الأمر ذلك.
وهذا القانون بلا شك تعود فائدته على المتهم وأسرته، وخاصة إذا كان في تنفيذ العقوبة السالبة للحرية ما يؤثر على استقرار الأسرة ومعيشتها، كما أنه يتبنى أفضل الممارسات الحديثة في العقوبات البديلة بما يعزز تحقيق أهداف العقوبة بمفهومها الشامل باعتبارها جزءاً لا يتجزأ من نظام العدالة الجنائية التي تقوم على ضرورة الردع وإعادة تأهيل الجاني وضمان حقوقه وحماية المجتمع من خلال مكافحة الجريمة والحد منها، عبر إجراءات فعالة تسهم في تقويم سلوك الجاني وتهذيبه وإصلاحه وتقليل احتمال عودته إلى الجريمة. وكل تلك الإجراءات تصب في صالح المجتمع وفي صالح الوطن والمواطن.