كان وقع خبر الهدنة علينا مفرحاً، بالرغم من بعد المسافة بيننا وبين أماكن القصف إلا أن كل تلك المشاهد التي نتابعها بشكل يومي كانت تقصف عواطفنا، هي هدنة حرب في غزة ولكنها سمحت لنا بالتقاط أنفاسنا، وكأننا كنا في خضم المعارك، نتنفس بسرعة، تدمع أعيننا تارة، تنعصر قلوبنا تارة أخرى، بدأنا نشعر بالألفة تجاه أرقام الضحايا، ولكن مشهداً إنسانياً عميقاً يعيدنا لوعينا وحقيقة الصراع، فلكل مشهد حكاية، ولكل مشهد امتداد إنساني عميق، فأي ضحية من ضحايا العدوان هي بنت أو أم، هو ابن أو أب، هي خسارات فادحة، فلا تخلو عائلة من شهداء، ولا تخلو منطقة من دمار، ولا يخل صدر من صدورنا من حرقة نار مستعرة لا تنطفئ، بل يزيد وهجها مع كل إعلان وكل خبر وكل منشور!
مشاهد عديدة لم نستطع تجاوزها، بل وشعور المرة الأولى يلازمني كل ما ظهرت لي في «التايملاين»، وخز عميق يصل إلى قلبي كل ما تردد صوت الأم المكلومة وهي تصف ابنها «شعرو كيرلي، أبيضاني وحلو»، وهي تجر خطواتها برفقة زوجها الصابر المحتسب، تجده بين الضحايا، بشعره الكيرلي وابتسامته الحلوة، ولكنه فارق الدنيا، مرتقياً ببراءة طفولته لخالقه، ويهونون عليها مصابها «طير من طيور الجنة»، فسبحان من ألهم أهل غزة هذه القوة، انهارت قوانا ونحن هنا، وهناك هم صامدون كالجبال.
مشهد آخر أعدته مراراً وتكراراً، توقفت عنده كثيراً، مشهد ذاك الكهل الوقور الذي يحمل فتاة بضفيرتين، جثة هامدة، يقبلها تارة، يشم رائحتها تارة أخرى، يفتح عينيها، يقبلهما، ولكنها تغلق عينيها، بطفولة نائمة، بل هي ميتة، اغتالتها قوات لا تفرق بين المدني والعسكري، بين الطفل والشاب، تقتل عشوائياً، بل غوغائياً، يتم لف جثمان طفلة قبلها بثيابها لأنها شهيدة، يعاود الأب ضمها، يناديها بروح الروح، في إشارة عميقة يصفها أحد المدونين بأنها كانت «درامية» لن يستطيع تجاوزها! قبل أن يتم لفها قام الجد بتجديل شعرها، وكأنها ذاهبة لمناسبة فرح، يقبلها ويقلبها، يمسح جبينها بمنديل معطر، يقذفها في الهواء ويلتقطها، وتنعصر قلوبنا مع كل حركة يقوم بها، إنها روح الروح، جميلة العينين، حلاوة الروح، وداعاً.
أجزم أن مشاهد كهذه ستطاردنا ما حيينا، ستكون في واقعنا وأحلامنا، فلا مفر منها، سنعيشها يوماً بيوم، وستعيش هي في ذاكرتنا للأبد، لقد ظننا أن أجدادنا كانوا يبالغون بوصف بعض المجازر التي عايشوها، ولكننا اليوم نشعر بعمق هذه المشاهد، وكيف هي مرهقة ومتعبة ومؤلمة لنا، نحن البعيدون هنا، فما بالكم بمن يعيش يومه في مشاهد تصلك عبر شاشة هاتفك!
مشاهد عديدة لم نستطع تجاوزها، بل وشعور المرة الأولى يلازمني كل ما ظهرت لي في «التايملاين»، وخز عميق يصل إلى قلبي كل ما تردد صوت الأم المكلومة وهي تصف ابنها «شعرو كيرلي، أبيضاني وحلو»، وهي تجر خطواتها برفقة زوجها الصابر المحتسب، تجده بين الضحايا، بشعره الكيرلي وابتسامته الحلوة، ولكنه فارق الدنيا، مرتقياً ببراءة طفولته لخالقه، ويهونون عليها مصابها «طير من طيور الجنة»، فسبحان من ألهم أهل غزة هذه القوة، انهارت قوانا ونحن هنا، وهناك هم صامدون كالجبال.
مشهد آخر أعدته مراراً وتكراراً، توقفت عنده كثيراً، مشهد ذاك الكهل الوقور الذي يحمل فتاة بضفيرتين، جثة هامدة، يقبلها تارة، يشم رائحتها تارة أخرى، يفتح عينيها، يقبلهما، ولكنها تغلق عينيها، بطفولة نائمة، بل هي ميتة، اغتالتها قوات لا تفرق بين المدني والعسكري، بين الطفل والشاب، تقتل عشوائياً، بل غوغائياً، يتم لف جثمان طفلة قبلها بثيابها لأنها شهيدة، يعاود الأب ضمها، يناديها بروح الروح، في إشارة عميقة يصفها أحد المدونين بأنها كانت «درامية» لن يستطيع تجاوزها! قبل أن يتم لفها قام الجد بتجديل شعرها، وكأنها ذاهبة لمناسبة فرح، يقبلها ويقلبها، يمسح جبينها بمنديل معطر، يقذفها في الهواء ويلتقطها، وتنعصر قلوبنا مع كل حركة يقوم بها، إنها روح الروح، جميلة العينين، حلاوة الروح، وداعاً.
أجزم أن مشاهد كهذه ستطاردنا ما حيينا، ستكون في واقعنا وأحلامنا، فلا مفر منها، سنعيشها يوماً بيوم، وستعيش هي في ذاكرتنا للأبد، لقد ظننا أن أجدادنا كانوا يبالغون بوصف بعض المجازر التي عايشوها، ولكننا اليوم نشعر بعمق هذه المشاهد، وكيف هي مرهقة ومتعبة ومؤلمة لنا، نحن البعيدون هنا، فما بالكم بمن يعيش يومه في مشاهد تصلك عبر شاشة هاتفك!