لا يمكن مرور اليوم الوطني البحريني دون أن نحتفي به كإماراتيين، فمملكة البحرين الشقيقة قيادة وشعباً، بالنسبة لدولة الإمارات هي نور العين.
وهي فرصة قيمة نسلط بها الضوء على عمق العلاقات الإماراتية البحرينية، والتي تشكل نموذجاً استثنائياً للعلاقات الأخوية الصادقة، تربطها أواصر التاريخ المشترك والمواقف المشرفة، متطلعة دوماً نحو تلبية تطلعات شعوب المنطقة نحو التنمية والتقدم والازدهار.
لقد أرسى وبنى وعزز صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وصاحب السمو الأمير الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة، طيب الله ثراهما، دعائم العلاقات والروابط بين البلدين على أساس الأخوة والتعاضد، وواصل البناء صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، وحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك مملكة البحرين المعظم، حفظهما الله، لتنتقل العلاقة إلى نموذج راسخ وقوي ومتكامل.
حيث أصبحت العلاقة بين البلدين تشكل أهمية كبيرة وتأثيراً بالغاً، لما تتميز به البلدان من ثقل سياسي واستراتيجي فاعل على الصعيدين الإقليمي والدولي، ولما تتبناه سياسات الإمارات والبحرين من توافق متوازن ومعتدل، لتشكل أحد أبرز دول الاعتدال المحورية العربية، الباحثة عن التنمية والسلام، وتواجه تحديات الإرهاب والتطرف بكل حزم، وتنادي بأهمية ترسيخ قيم التسامح والتعايش الإنساني.
لقد انتهت مؤخراً أعمال مؤتمر الأطراف بشأن المناخ COP28 في مدينة دبي، بمخرجات استثنائية أفرزت اتفاق الإمارات التاريخي، والذي يعد نقطة تحول بارزة في العمل المناخي، لصالح شعوب كوكب الأرض، وتزامن الحدث مع احتفالات دولة الإمارات بعيد الاتحاد، وكم أسعدتنا مشاركة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك مملكة البحرين المعظم، احتفالاتنا وأفراحنا، في الحفل الرسمي لعيد الاتحاد وحفل القبائل الإماراتية، بجانب أخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات.
وكم لفتت انتباهنا اللقطات العفوية بين القائدين، وهي تعكس تقارباً كبيراً بين قادة البلدين تنم عن محبة صادقة، والعلاقات الصادقة هي ما تحتاجه الدول في ظل عالم متغير وديناميكي، وتحديات كبيرة غير مسبوقة، ونظام إقليمي وعالمي متعدد الأطراف. وهذه المشاعر الصادقة تترجم من خلال تطابق الرؤى السياسية للبلدين، في مختلف القضايا الإقليمية والدولية، ودورهما الفاعل على المستوى الثنائي والمستوى الخليجي والعربي والأممي، منطلقة من ثوابت سياسية وأمنية واضحة، تدعم السلم والأمن بالمنطقة، وتركز على تنمية الشعوب، ما أسهم في تعزيز الاستقرار الإقليمي. وكان للحراك الإماراتي البحريني الفاعل دور مهم في ترسيخ مفاهيم التعايش والتسامح، ما أسهم في فتح جسور السلام في مواجهة الكراهية والتشدد، وما خلفته من حروب وأزمات، يستغلها الباحثون عن نافذة لتقويض الأمن والاستقرار.
ولعلاقة الإمارات والبحرين خصوصية فريدة، فاللقاءات المستمرة بين قادة البلدين تجاوزات الأعراف البروتوكولية الرسمية، ما يدعم مسارات التعاون المشترك في مختلف المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية، فاستمرارية التنسيق تعزز من المواقف المشتركة ازاء مختلف القضايا الإقليمية والعالمية، وتجعل التوافق في وجهات النظر والقناعات بين البلدين مستمرة ومستدامة، بأهمية المضي قدماً إلى آفاق جديدة ومبتكرة من التعاون والشراكة.
وتجسيداً لمواقف البلدين المشرفة، والمنطلقة من وحدة المصير المشترك، شاركت البحرين بجانب الإمارات ضمن قوات التحالف العربي بقيادة السعودية في اليمن، والتي سطرت بها قصص من البطولات والتضحيات ستروى للأجيال القادمة، وساهمت دولة الإمارات ضمن قوات درع الجزيرة في الأحداث المؤسفة في البحرين عام 2011، لحفظ الأمن في مواجهة المخربين، وهي جميعها مواقف صادقة، تؤكد أن المواقف في أوقات الشدة الصعبة تقرب المسافات بين الدول، حتى تصبح المسافة واحدة والطريق واحداً والمصير واحداً.
وبجانب التعاون السياسي تعددت مجالات العلاقة بين الإمارات والبحرين، لتحظى التفاعلات الاقتصادية والعلمية والثقافية والاجتماعية بما فيها القطاع الفضائي بعداً مميزاً، وبتقديري كان لتشكيل اللجنة العليا المشتركة في العام 2000، الدور الكبير في مضاعفة اتفاقيات التعاون ومذكرات التفاهم والتبادلات التجارية في مختلف المجالات. وكان آخرها اجتماع اللجنة العليا المشتركة في أبوظبي، برئاسة سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية، ونظيره سعادة الدكتور عبداللطيف بن راشد الزياني، وزير خارجية البحرين، ونتج عنها المزيد من التعاون في مجالات الطاقة المتجددة والشراكة الصناعية، ما سيسهم في وضع مسارات جديدة تكمل البناء على المسارات السابقة في تطوير العلاقة، بهدف تعزيز حجم التبادل التجاري غير النفطي بين البلدين، والذي بلغ في العام 2022 نحو 7 مليار دولار.
وفي الختام، أبارك لمملكة البحرين قيادة وشعباً هذا اليوم الوطني الجميل، الذي يملأ القلب بالفرح والسرور والبهجة، وأعاد الله اليوم الوطني عليكم بالخير والسلام والازدهار والاستقرار.
كل عام وأنتم بألف خير.
* كاتب وباحث إماراتي