احتفل مسيحيو العالم في كل مكان يوم أمس بعيد «الكريسماس» بأمن وأمان وداخل الكنائس يرددون ترانيم عيد الميلاد المجيد، ما عدا منطقة واحدة كانت أشبه بمدينة للأشباح وكنائسها مهجورة، ومنازلها زينت بشجرة محترقة، إنها مدينة «بيت لحم».
عاد «العيد» وبأي حال عدت، على مدن قصفت على سكانها، وجثث أطفال ما زالت تحت ركام المنازل، وأشلاء الشهداء متناثرة على الطرقات، وكنائس بلا ترانيم «الأعياد»، وأمهات مكلومة، وأطفال مقطوعي الأطراف، ومدن بلا مستشفيات، ومصابين ومرضى بلا علاج، وجوع وعطش يأكل أجساد الضعفاء، وأزيد من مليون نازح في المخيمات.
بأي حال عدت يا عيد على كنائس ترتل ترانيم الحزن وألم فقد الأحبة والظلم ونحيب النساء على فقدهن أطفالهن، ومخيمات تحولت لمناطق للأشباح وساحات للقتال، أم على أصوات قصف القوات الإسرائيلية لسكان غزة، وتعرضهم لحرب إبادة على يد الآليات الإسرائيلية التي لا تفرق بين المسلح والمدني والطفل والمسن والمرأة، تفتك بأي جسد يقف أمام طريقها حتى أبادت أكثر من 20 ألف شهيد حتى الآن معظمهم من الأطفال والنساء.
كيف عدت «يا عيد» بلا حلوى الأعياد، فأطفال غزة يبحثون عن كسرة الخبز وقطرة الماء في أنابيب المنازل المقصوفة والطرقات وأزقة المخيمات، ومجاعة تهدد شعباً بأكمله فإن لم يستشهدوا تحت وطأة القصف الإسرائيلي فسوف يرتقوا شهداء «المجاعة» بعد أن منعت الحكومة الإسرائيلية من إدخال المساعدات الإنسانية الكافية للقطاع.
عدت يا عيد بلا شجرة «الميلاد» المزينة فكنائس بيت لحم سويت بالأرض، والأشجار حرقت وجثث عشرات الشهداء تناثرت على جذوع الأشجار كأشلاء بدل هدايا الميلاد، وبلا أصوات ضحكات الأطفال.
عدت يا عيد على حرب إبادة غزة وتهجير، عدت وأنت على موعد مع «نكبة جديدة»، عدت وحقوق الإنسان ومبادؤها متجمدة على حدود قطاع غزة، عدت على مجاعة ووباء ينتشر بين النازحين، ومستقبل مجهول، فبأي حال عدت يا عيد.