أية نتائج إيجابية وتحركات مثمرة تستهدف صالح المواطنين، لا بد من التوقف عندها وتسليط الضوء عليها.في مقام أول يجب التأكيد أن كل ما يتحقق هو نتيجة جهود تبذل وعمل مستمر، أساسه التخطيط ويعقبه التنفيذ الذي يضع في اعتباره التحديات والمخاطر ويحاول التغلب عليها لتحقيق الطموحات.هذه الأمور التي نتحدث عنها، أي العمل في ظل ظروف صعبة وتحديات وبهدف تحقيق نتائج ملموسة بقدر الاستطاعة نظير أية معيقات أو صعوبات، هذه العمليات قد لا تكون واضحة للناس، وقد لا تعرف شريحة كبيرة ما يدور في المكاتب وخلف الكواليس وما يرتبط بها من مصروفات ومبالغ تشغيل وغيرها، وهذا أمر طبيعي جداً؛ إذ عيون الناس وتطلعاتهم تتركز على النتائج، والتحدي هنا يتمثل بربط نسبة النجاح بمدى تحقق أكبر نسبة من الطموحات.لذلك دائما نقول «نعم بالإمكان أفضل مما كان»، لكن في نفس الوقت «يجب عدم الاستهانة بالظروف والتحديات»، وهنا تخرج علينا معادلة صعبة، لأجل التعامل معها والتوفيق بين كفتي الميزان بما يحقق نتائج إيجابية، لا بد من وجود تفكير مستمر وجهود دائمة لتحقيق الغايات.ما أعلن عنه مجلس الوزراء برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير سلمانبن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله بالأمس، وتحديداً في شأن مؤشرات سوق العمل، هي أرقام إيجابية تستوجب الوقوف عندها.بحسب هذه الأرقام، فإن العام 2023 شهد توظيف 29 ألف و533 مواطناً في سوق العمل، وهو رقم كبير يمثل زيادة بنسبة 48٪ عن الهدف الموضوع بشأن التوظيف سنوياً. وهو ما جعل مجلس الوزراء يوجه الشكر لجميع الشركات والمؤسسات في القطاع الخاص التي أسهمت في توظيف البحرينيين. هنا نقطة هامة ترتبط بموضوع الوعي والإدراك، إذ قد يمر الرقم بشكل عادي جداً على كثيرين دون أن يتوقفوا عنده، خاصة ممن يملك وظيفة وهو منشغل بأموره المهنية والاجتماعية، لكن في الجانب الآخر من استفاد من هذه الفرص وفتحت له أبواب العمل والبدء حتى لو بمسارات مهنية في بداياتها الواعدة على سلم التطور والترقي، هذه الشريحة هي التي تحس بالفارق والتأثير، إذ التحول من البحث عن عمل ومن البطالة إلى التوظيف والعمل وكسب الرزق أمر يمثل فارقاً كبيراً في الحياة للكثيرين، بالتالي هنيئاً لهم بذلك، وبالفعل شكراً على الجهود الحكومية المبذولة، والشكر لمن فتح الفرص العديدة لأبناء البحرين للعمل وكسب الرزق.والحديث يجر نفسه، وهنا بشأن توظيف البحرينيين، يجب التركيز بشكل أكبر ومضاعف على التوجه اليوم لإحلال المواطن محل الأجنبي في كافة مواقع العمل وبالأخص في القطاع الخاص، هذا القطاع الذي يتضمن عدداً كبيراً من الوظائف باختلاف درجاتها وتنوعها يصل لأكثر من 400 ألف وظيفة.هنا أقول إن الإحلال مهم، والأهم من ذلك أن يكون التركيز أيضاً على الوظائف التنفيذية العليا في القطاع الخاص والشركات المملوكة من الحكومة، وذلك عبر حصر عدد الأجانب الذين في مواقع عالية، ويستلمون رواتب عالية، وبدلات إعاشة وتدريس أبناء وتأمين صحي وسكن وغيرها.. ما يعني صرف مبالغ كبيرة، والفكرة بالبحث عن بحرينيين أكفاء ومؤهلين قادرين على تولي المسؤولية بدلاً من الأجانب، خاصة ممن تعب عليهم البلد من تعليم وتدريس وتدريب وإكساب للخبرة.وفي هذا الصدد فقط نقول إن لدينا أمثلة على كفاءات بحرينية منحت المسؤولية وتولت مواقع كان يشغلها الأجانب، فأثبتت هذه الشخصيات قدرتها وعلو كعبها في الإدارة الناجحة وعلى تحقيق النتائج وباتت مضرباً للمثل ونماذج نفتخر بها، ولن أسمي أحداً منها تجنباً لأي تفضيل أو انحياز، لكننا كبحرينيين نعرف تماماً من هم، ونعرف تماماً أن البحريني بإمكانه النجاح وتولي هذه المواقع، وفوق ذلك، هو صاحب المعدن الأصيل الذي سيعمل وهدفه تحقيق النجاح لوطنه، سيعمل وهو مخلص لهذه الأرض، سيعمل وهو يرى عمله واجباً مقدساً ومسؤولية تجاه البحرين، وليس عملاً مرتبطاً بعقد معني فقط براتب ومكافآت وبدلات.نتمنى تحقيق مزيد من النجاحات في هذا الملف الهام، فالنجاح فيه نجاح للوطن وخير لأبنائه والأجيال القادمة.