إن المقترح الذي تقدم به معالي وزير الداخلية الفريق أول الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة «في تشكيل فريق عمل مشترك لتحليل المخاطر، والتهديدات الحديثة التي يعاني منها الأمن بشكل عام، والأمن العربي بشكل خاص» يشكل أهمية كبيرة، وضرورة حتمية تفرض نفسها اليوم في ظل التحديات العديدة التي تتطلب الكثير من الجهود الدولية والوطنية لمواجهتها ومن أهم هذه التحديات: الفجوة التكنولوجية بين الدول المتقدمة حيث الثورة الصناعية والتي يقع في مركزها تطبيقات الذكاء الاصطناعي التي تؤثر بدورها على كافة مجالات الحياة اليومية للإنسان المعاصر، إلى جانب القصور التشريعي في مواجهة هذه الأنظمة الحديثة، وصعوبة تحديد المسؤولية الجنائية لها.
والتي تترتب عليها الكثير من المخاطر التي تتوسع قاعدتها يوماً عن الآخر نتيجة عدم قدرة البشر على استيعاب التداعيات الناجمة عن تقنيات الذكاء الاصطناعي، والمحددة في سبعة مخاطر أساسية منها: فقدان الوظائف بسبب الأتمتة، انتهاكات الخصوصية، «التزييف العميق»، التحيز الحسابي الناجم عن البيانات السيئة، عدم المساواة الاجتماعية والاقتصادية، تقلبات السوق، أتمتة الأسلحة.
وتعد الأنظمة القتالية من أكثر المخاطر الأمنية التي تهدد حياة البشر وأمنه وأمانه، مثل: الطائرات من غير طيار التي تحمل الأسلحة، والروبوتات الموجودة على أرض المعارك في كونها أجهزة مصممة من أجل التدمير، فإذا وقت في يد الشخص الخطأ أو تم اختراقها لقصور أو خطأ بشري في الإجراءات أو التلاعب بالخوارزميات التي تتحكم فيها فينفلت عقل الآلة، ومنها ستكون هناك نتائج كارثية، إلى جانب تأثير أنظمة الذكاء الاصطناعي على الجانب الإنساني والأخلاقي حيث يمكن لآلات الذكاء الاصطناعي أن تفصل الإنسان عن محيطة الطبيعي الاجتماعي البشري تدريجياً، ضمور القدرات البشرية نتيجة تعليم الآلات، مما سيؤدي إلى قضايا أخلاقية، وفلسفية كثيرة تؤثر على الهوية البشرية، وغيرها من برامج للذكاء الاصطناعي تساعد المجرمين على استخدام شبكات لتعزيز، وتقديم خدماتهم غير القانونية لبيع المخدرات أو تصنيع الأسلحة أو المواد الإباحية أو التعامل مع السوق السوداء للقتلة المستأجرين، تبادل الوثائق السرية، قرصنة الكتب والأفلام والموسيقى والبرامج وغيرها على شبكة الإنترنت المظلمة، إلى جانب الهجوم السيبراني، انتهاك خصوصية الأفراد، التوظيف الإرهابي للذكاء الاصطناعي.
إذ إن المجرمين من تجار المخدرات، والمتاجرين بالبشر، ومنظمات الجريمة يستضيفون مواقع على شبكة الإنترنت المظلمة التي يتم فيها استخدام متصفحات خاصة، مما تشكل جريمة عابرة الحدود تحتاج الى مواجهة أمنية دولية.
ومن هنا كانت أهمية المقترح حيث ضرورة التعرف على أساليب وطرق المواجهة الدقيقة والسليمة لمواصلة الحفاظ على حياة البشر، وخصوصياتهم، وأمنهم، وأمانهم في ظل التقدم التكنولوجي وتقنيات الذكاء الاصطناعي، على أن يكون فريق عمل التحليل متضمناً كافة الجهات التي تتعامل مع هذه التقنيات الحديثة لما لها من مخاطر متعددة.
* إعلامية وباحثة أكاديمية