منذ فترة طويلة جداً والحديث قائم بشأن الحفاظ على البيئة البحرية لمملكتنا الحبيبة، مقروناً بأهمية الحفاظ على حقوق الصياد البحريني.
مهنة الصيد التي هي أحد مقومات التجارة تاريخياً في البحرين، وهي كانت مهنة قدماء الأجداد وتوارثتها أجيال وتعاقبت عليها، ووصلنا اليوم إلى مرحلة باتت رؤيتنا فيها لصيادين بحرينيين مبعث فخر واعتزاز، إذ كيف هم صامدون في هذه المهنة وكيف هم قائمون عليها ولم يتخلوا عنها؟
أجزم بأنكم كبحرينيين تشعرون بنوع مميز من الراحة النفسية حينما تذهبون لشراء السمك، سواء من الفرض المعروفة، أو البسطات، وتحديداً حينما ترون أصحابها البحرينيين يقومون بأنفسهم عليها، وبالأخص حينما تعرفون منهم أن هذا الصيد بأياد بحرينية تعمل في البحر طوال ساعات طوال، لتأتيك بصيد طازج في نفس اليوم.
هذا جانب مشرق في تاريخنا، وهي مهنة فيها من الفخر والشرف الكثير، لكن ما تواجهه منذ سنوات أمر يجعل الكثيرين يتضامنون في مطالباتهم بأن يتم الحفاظ عليها وأن تشدد الرقابة في جانب منع المخالفات والصيد الجائر، وأيضاً في عملية ضبط ممارسات العمالة الآسيوية التي باتت تزاحم البحرينيين في بحرهم.
بالأمس فقط اطلعت على فيديو أرسله لي أحد البحارة المخضرمين بشأن كيف تمارس العمالة الصيد باستخدام «الغزل الإسرائيلي» الممنوع، والمصيبة في المشهد أن هناك كميات ضخمة من الأسماك يتم انتزاعها من الغزل، ويتم في الفيديو تقطيع الشباك لإخراج الأسماك، وهنا الكارثة لمن يعلم بخطورة هذه الشباك.
فقط حتى أبين لكم أن المشكلة ليست وليدة اليوم، بل هي أصلاً متضخمة في وقتنا الحالي، استخرجت تحقيقاً صحفياً أُجري مع مجموعة كبيرة من الصيادين البحرينيين في عام 2010، أي قبل 14 عاماً بالضبط، يتحدثون فيه عن طرق الصيد الجائرة والخطيرة التي تقوم بها العمالة، وكيف أن استخدام الغزل الإسرائيلي بات متزايداً إلى درجة غير معقولة.
خطورة هذه الشباك تكمن في قدرتها على تحويل قاع البحر إلى مقبرة للأسماء، إذ بعد نهاية الصيد بها يتم تقطيعها ورميها في البحر، ولأنها تُصنع من النايلون فعملية تحللها صعبة جداً، ولأن لونها شفاف فبمقدورها حتى وهي مقطعة أن تصطاد الأسماء وتقتلها وهي في البحر.
لذلك ما يقوم به هؤلاء ليس عملية صيد مكثفة، بل هي عملية تدمير للبيئة البحرية، عبر طرق الصيد هذه، واللامبالاة فيما يتعلّق بصون الثروة البحرية والحفاظ عليها، إذ مع مرور الزمن يتم تدمير قاع البحر والفشوت، ويؤدي إلى هجرة الأسماك إلى مناطق بعيدة عن مياهنا الإقليمية، ما يعني قلة العرض وكثرة الطلب، بالتالي ارتفاع جنوني في الأسعار.
في معرض نقاش مع بعض المعنيين بالصيد كنت أتساءل عن مدى الصعوبة في اقتصار مهنة الصيد على البحرينيين فقط، وذلك بسبب العدد الكبير للعمالة الداخلة في هذا المجال. وهنا قناعتي بأن أعداد البحرينيين تكفي في هذا المجال وتزيد، وأصلاً هم متضايقون من مزاحمة العمالة لهم. فعلا ما المانع من تحويلها كما كانت سابقا منذ القدم، قطاعا مقتصراً على البحرينيين كتجارة؟! فهذه بلادهم وهذه سواحلهم؟! والله يمكن، أو أقلها يتم ضبط العملية وتقليل عدد الأجانب والتصدي للصيد الجائر بشكل صارم.
أعرف تماماً أن هناك عشرات تحدثوا قبلي، وغيرهم بح صوتهم، وأعرف تماماً أن الأجهزة المعنية تبذل جهوداً في الحفاظ على ثرواتنا الطبيعية، لكنني أتمنى أن تكون الكلمة المسموعة لأبناء هذا الوطن ممن يمتهنون هذه المهنة، ممن يودون الحفاظ على تاريخ الأجداد والآباء، هؤلاء هم أقوى من يشخص الوضع، وهم أفضل من يُوجد الحلول.
{{ article.visit_count }}
مهنة الصيد التي هي أحد مقومات التجارة تاريخياً في البحرين، وهي كانت مهنة قدماء الأجداد وتوارثتها أجيال وتعاقبت عليها، ووصلنا اليوم إلى مرحلة باتت رؤيتنا فيها لصيادين بحرينيين مبعث فخر واعتزاز، إذ كيف هم صامدون في هذه المهنة وكيف هم قائمون عليها ولم يتخلوا عنها؟
أجزم بأنكم كبحرينيين تشعرون بنوع مميز من الراحة النفسية حينما تذهبون لشراء السمك، سواء من الفرض المعروفة، أو البسطات، وتحديداً حينما ترون أصحابها البحرينيين يقومون بأنفسهم عليها، وبالأخص حينما تعرفون منهم أن هذا الصيد بأياد بحرينية تعمل في البحر طوال ساعات طوال، لتأتيك بصيد طازج في نفس اليوم.
هذا جانب مشرق في تاريخنا، وهي مهنة فيها من الفخر والشرف الكثير، لكن ما تواجهه منذ سنوات أمر يجعل الكثيرين يتضامنون في مطالباتهم بأن يتم الحفاظ عليها وأن تشدد الرقابة في جانب منع المخالفات والصيد الجائر، وأيضاً في عملية ضبط ممارسات العمالة الآسيوية التي باتت تزاحم البحرينيين في بحرهم.
بالأمس فقط اطلعت على فيديو أرسله لي أحد البحارة المخضرمين بشأن كيف تمارس العمالة الصيد باستخدام «الغزل الإسرائيلي» الممنوع، والمصيبة في المشهد أن هناك كميات ضخمة من الأسماك يتم انتزاعها من الغزل، ويتم في الفيديو تقطيع الشباك لإخراج الأسماك، وهنا الكارثة لمن يعلم بخطورة هذه الشباك.
فقط حتى أبين لكم أن المشكلة ليست وليدة اليوم، بل هي أصلاً متضخمة في وقتنا الحالي، استخرجت تحقيقاً صحفياً أُجري مع مجموعة كبيرة من الصيادين البحرينيين في عام 2010، أي قبل 14 عاماً بالضبط، يتحدثون فيه عن طرق الصيد الجائرة والخطيرة التي تقوم بها العمالة، وكيف أن استخدام الغزل الإسرائيلي بات متزايداً إلى درجة غير معقولة.
خطورة هذه الشباك تكمن في قدرتها على تحويل قاع البحر إلى مقبرة للأسماء، إذ بعد نهاية الصيد بها يتم تقطيعها ورميها في البحر، ولأنها تُصنع من النايلون فعملية تحللها صعبة جداً، ولأن لونها شفاف فبمقدورها حتى وهي مقطعة أن تصطاد الأسماء وتقتلها وهي في البحر.
لذلك ما يقوم به هؤلاء ليس عملية صيد مكثفة، بل هي عملية تدمير للبيئة البحرية، عبر طرق الصيد هذه، واللامبالاة فيما يتعلّق بصون الثروة البحرية والحفاظ عليها، إذ مع مرور الزمن يتم تدمير قاع البحر والفشوت، ويؤدي إلى هجرة الأسماك إلى مناطق بعيدة عن مياهنا الإقليمية، ما يعني قلة العرض وكثرة الطلب، بالتالي ارتفاع جنوني في الأسعار.
في معرض نقاش مع بعض المعنيين بالصيد كنت أتساءل عن مدى الصعوبة في اقتصار مهنة الصيد على البحرينيين فقط، وذلك بسبب العدد الكبير للعمالة الداخلة في هذا المجال. وهنا قناعتي بأن أعداد البحرينيين تكفي في هذا المجال وتزيد، وأصلاً هم متضايقون من مزاحمة العمالة لهم. فعلا ما المانع من تحويلها كما كانت سابقا منذ القدم، قطاعا مقتصراً على البحرينيين كتجارة؟! فهذه بلادهم وهذه سواحلهم؟! والله يمكن، أو أقلها يتم ضبط العملية وتقليل عدد الأجانب والتصدي للصيد الجائر بشكل صارم.
أعرف تماماً أن هناك عشرات تحدثوا قبلي، وغيرهم بح صوتهم، وأعرف تماماً أن الأجهزة المعنية تبذل جهوداً في الحفاظ على ثرواتنا الطبيعية، لكنني أتمنى أن تكون الكلمة المسموعة لأبناء هذا الوطن ممن يمتهنون هذه المهنة، ممن يودون الحفاظ على تاريخ الأجداد والآباء، هؤلاء هم أقوى من يشخص الوضع، وهم أفضل من يُوجد الحلول.