في وقتنا الحاضر، غدت استراتيجيات التنمية المدفوعة بالابتكار هي الاستراتيجيات المؤثرة في اقتصادات الدول والمحفّز لنموّها، ومما يعزز نجاحها هو ترقية مخرجاتها في مجال العلوم والتكنولوجيا عبـر تقاسم مساعي تطوير التقنيات مع شركاء الدولة حول العالم والتعاون لتحسين مستويات الحوكمة العالمية للعلوم والتكنولوجيا.وتُعد الصين واحدة من الدول التي طبقت تلك الاستراتيجية بتفوّق مقارنة بمنافسيها مما منحها قفزة في ترتيبها بمؤشر الابتكار العالمي من 34 في عام 2012 إلى 12 في عام 2023، فضلاً عن تحقيق ارتفاع في الناتج الصناعي بنسبة 4.6% وارتفاع في إجمالي الناتج المحلي بنسبة 5.2% في العام 2023 حيث بلغ 17.71 تريليون دولار أمريكي.اهتمام الصين بالابتكار كمحرّك لنموها الاقتصادي قد أسفر عن نتائج بارزة، فالتقدم التاريخي الذي أحرزته في بناء دولة مُبتكِرة برهن أن العلوم والتكنولوجيا هما القوة الإنتاجية الأساسية، وأن المواهب هي الموارد الأساسية، وأن الابتكار هو المحفّز الأساسي للنمو الاقتصادي. كما تعاظمت نفقاتها على البحث والتطوير من 145 مليار دولار إلى 445 مليار دولار في العقد الماضي مع ارتفاع كثافة البحث والتطوير من 1.91% إلى 2.55%.في الصين يتم تسليط الضوء على الشركات المبتكِرة أكثر من أي وقت مضى، فقد ارتفع عدد الشركات فائقة التقنية من 49 ألف شركة قبل 10 سنوات إلى 400 ألف شركة في العام الماضي، وارتفع معدل مساهمة الابتكارات العلمية في النمو الاقتصادي من 52.2% في عام 2012 إلى أكثر من 60% في العام الفائت.كما قامت الصين بالربط بين خطتها للابتكار وإستراتيجيتها الرامية لتحقيق نهضة الصين من خلال العلوم والتعليم، والتي تستهدف التنمية القائمة على تحقيق تقدم في العلوم والتكنولوجيا، وإستراتيجية تنمية القوى العاملة التي تستهدف تنشئة مواهب عالية المستوى، حتى أصبحت بلداً لأكبر مجموعة من العاملين في مجال البحث والتطوير عالمياً.وتتخطى إيجابيات التنمية المدفوعة بالابتكار حدود الصين، فغدت تساعد العديد من الدول على تطوير اقتصاداتها مثل: النقل بالسكك الحديدية، وقطاع اتصالات الجيل الخامس، والطب الحيوي، ومبادرة الحزام والطريق والشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة. كما كرّست جهودها للنهوض بالحوكمة العالمية في العلوم والتكنولوجيا وقدّمت مساهمات لتقدُّم الحضارة الإنسانية، وفتحت بنية تحتية علمية واسعة النطاق، واشتركت في إنشاء منصات للبحث والتطوير، ووسّعت نطاق الابتكار المفتوح ومجاله وحجمه.كما انخرطت الصين في التعاون بمجال العلوم والتكنولوجيا مع أكثر من 160 دولة ومنطقة، وشاركت في مشاريع علمية عالمية، كما أن الانتقال المتسارع للبلاد من «صُنع في الصين» إلى «ابتكِـر في الصين» أبرز للعالم النامي منهجية استكشاف مسار التنمية المناسب لظروف كل دولة.