خَدَعَ عدداً من البنوك واحتال عليها بواسطة تزوير شيكات بملايين الدولارات، انتحل شخصية كابتن طائرة تجارية، ومحامٍ وطبيب وشخصيات لمهن أخرى، نجح في تنفيذ عمليات احتيال مختلفة ومعقدة، أشغلت المحققين، بدأ نشاطه الناجح في الاحتيال خلال فترة المراهقة قبل أن يبلغ 19 سنة، وذروة نشاطه كانت في العشرينات من عمره، حتى أُلقي القبض عليه في فرنسا التي سلمته إلى الولايات المتحدة الأمريكية ليقضي في سجونها سنوات عدة، إنه فرانك ويليام أباغنيل جونيور، المولود في 27 أبريل 1948، والذي تحولت قصته إلى الفيلم الشهير «Catch Me If You Can» وقد تقمص شخصيته الرئيسية «أباغنيل» الممثل ليوناردو دي كابريو.
الجزء الأكثر أهمية من قصة أباغنيل، ليس فيما ذُكر آنفاً عنه، ونشاطه الاحتيالي والإجرامي، إنما تمثل فيما بعد سجنه بسنوات عدة، عندما قررت الحكومة الفيدرالية الأمريكية إعادة تأهيله بالعفو عنه، فمنحته الإفراج المشروط بمساعدة الحكومة ووكالاتها الرسمية لحل قضايا مستعصية وصعبة، واستثمار خبرته الواسعة في الجريمة، فبدأ أباغنيل مرحلة جديدة في حياته تمثلت في استخدام خبرته في مساعدة مكتب التحقيقات الفيدرالي «FBI» في مكافحة جرائم الأموال، ثم أصبح مستشاراً ومحاضراً في الأمن المالي وقضايا الاحتيال، ألف أباغنيل عدداً من الكتب المنشورة في مجال الأمن المالي وحماية الهوية، واليوم يُعدُّ أحد روّاد الخبرة في هذا المجال.
هذه القصة مثال ناجح على استخدام العفو لتغيير حياة المجرمين وتحويل مسارهم من الإجرام إلى المساهمة الإيجابية والفاعلة في المجتمع، والحقيقة أن إعادة تأهيل المجرمين بواسطة العفو ليست بالعملية البسيطة واتخاذ القرار فيها يحتاج إلى جرأة وعناية ودقة في الاختيار في آن واحد، تبدأ بإجراء تقييم شامل لسجلات المجرمين الجنائية وسلوكهم في السجن وإعداد برامج لإعادة التأهيل، ومتابعتهم بعد العفو عنهم، فالموضوع معقد، وله أوجه عدة ترتبط بالجوانب الاجتماعية والقانونية والنفسية، كما أن الهدف الأساسي لها لا يكمن في الهدف الظاهر وهو تقليل العبء عن نظام العدالة ومؤسسات الإصلاح، بل يتمثل في كونه يوفر فرصة حقيقية للمجرمين لإعادة دمجهم في المجتمع، وبالفعل انتفعت الدول التي اتخذت قرارات جريئة في العفو عن المجرمين، مثل النرويج والسويد وفنلند وكندا وألمانيا من قراراتها، حيث قلّت معدلات العودة إلى الجريمة لديها، وأثبتت أن العفو عن المجرمين هو جسر لإعادة تأهيلهم.
* عميد كلية القانون – الجامعة الخليجية
الجزء الأكثر أهمية من قصة أباغنيل، ليس فيما ذُكر آنفاً عنه، ونشاطه الاحتيالي والإجرامي، إنما تمثل فيما بعد سجنه بسنوات عدة، عندما قررت الحكومة الفيدرالية الأمريكية إعادة تأهيله بالعفو عنه، فمنحته الإفراج المشروط بمساعدة الحكومة ووكالاتها الرسمية لحل قضايا مستعصية وصعبة، واستثمار خبرته الواسعة في الجريمة، فبدأ أباغنيل مرحلة جديدة في حياته تمثلت في استخدام خبرته في مساعدة مكتب التحقيقات الفيدرالي «FBI» في مكافحة جرائم الأموال، ثم أصبح مستشاراً ومحاضراً في الأمن المالي وقضايا الاحتيال، ألف أباغنيل عدداً من الكتب المنشورة في مجال الأمن المالي وحماية الهوية، واليوم يُعدُّ أحد روّاد الخبرة في هذا المجال.
هذه القصة مثال ناجح على استخدام العفو لتغيير حياة المجرمين وتحويل مسارهم من الإجرام إلى المساهمة الإيجابية والفاعلة في المجتمع، والحقيقة أن إعادة تأهيل المجرمين بواسطة العفو ليست بالعملية البسيطة واتخاذ القرار فيها يحتاج إلى جرأة وعناية ودقة في الاختيار في آن واحد، تبدأ بإجراء تقييم شامل لسجلات المجرمين الجنائية وسلوكهم في السجن وإعداد برامج لإعادة التأهيل، ومتابعتهم بعد العفو عنهم، فالموضوع معقد، وله أوجه عدة ترتبط بالجوانب الاجتماعية والقانونية والنفسية، كما أن الهدف الأساسي لها لا يكمن في الهدف الظاهر وهو تقليل العبء عن نظام العدالة ومؤسسات الإصلاح، بل يتمثل في كونه يوفر فرصة حقيقية للمجرمين لإعادة دمجهم في المجتمع، وبالفعل انتفعت الدول التي اتخذت قرارات جريئة في العفو عن المجرمين، مثل النرويج والسويد وفنلند وكندا وألمانيا من قراراتها، حيث قلّت معدلات العودة إلى الجريمة لديها، وأثبتت أن العفو عن المجرمين هو جسر لإعادة تأهيلهم.
* عميد كلية القانون – الجامعة الخليجية