في سنة 1860 أراد جون دافيسون روكفلر شراء كل شركات النفط الصغيرة في أمريكا، وكان يعلم جيداً أنه إذا عرض على أصحابها بيعها له، سيواجه بالرفض، فغير ساحة اللعب، وبطريقة سرية اشترى كل شركات القطارات الناقلة للنفط، وبعدما أصبحت ملكه عرض على أصحاب شركات النفط شراءها، ومن يرفض منهم يضعه أمام خيارين، إما أن يرفع عليه تكلفة شحن النفط أو يمتنع عن نقل النفط، فكانت النتيجة أن باع الجميع شركاتهم لروكفلر، وما هي إلا عشر سنوات إلا وأسس شركته ستاندرد أويل، وبعد سنوات تلتها، سيطر على 90% من شركات تكرير النفط في أمريكا، روكفلر لم يكن مهتماً بشعور أصحاب شركات النفط الصغيرة بأنه فرض عليهم خيارات لا خيار فيها، أما إذا كان الشخص حريصاً على عدم إشعار الطرف المقابل بأنه وضع أمام خيارات لا خيار فيها، وإقناعه بأنه اختار فعلاً، فسيستخدم تقنية هنري كيسنجر الخبير والمخضرم السياسي، عندما كان في منصب وزير خارجية في عهد الرئيس الأمريكي نيسكون، في حينها كان كيسنجر يشعر أنه الأقدر على اتخاذ القرارات وفي الوقت نفسه لم يكن يرغب بإحراج الرئيس، فكان يضع أمامه مجموعة من الخيارات ويموهها، أما الخيار الذي كان يريده، فكان يقدمه بطريقة مختلفة، وفي كل مرة كان نيسكون يبتلع الطعم ويختار الخيار الذي حدده له كيسنجر.
في الواقع واحدة من طرق التحكم بالآخرين هي منحهم حق الاختيار الشكلي أو الظاهري، والحقيقة أن مقدم الخيارات حصر المقابل بمجموعة من الخيارات كلها تصب في صالحه، أو يضعه أمام مصيبتين فيختار أيسرها، إلا أنه في نهاية الأمر سيشعر المقابل أنه صاحب اختيار، لكنه في الواقع قبل بأمور لا يمكن أن يقبل بها في الأوضاع الطبيعية أو إذا ترك بدون خيارات، فعندما يكون الإنسان محدداً بمجموعة من الخيارات، الظاهر فيها أنها واسعة وكثيرة، لكنها في الحقيقة تقود إلى نتيجة محددة مسبقاً، سيكون أقل قدرة على التحكم في وضعه ومستقبله، استخدام هذه التقنية في التعامل يؤثر تأثيراً سلبياً على الحرية، ومن يوضع أمام هذا النوع من الخيارات ليس له اختيار وصوت حقيقي.
وأنا أكتب هذه السطور وعندما وصلت إلى ختام هذه الكلمات وفي لحظات التفكير في كيفية التعامل مع هذا التحدي إذا ما تعرضنا له، تذكرت أخي، الذي إذا ما زار أحداً، وبادره ذلك الشخص بقوله: ماذا تشرب شاياً أو قهوة؟ فكان يرد دوماً ممازحاً بعصير أو بيبسي، ويقول لا أحد يضيق علي خياراتي، ببساطة هذه طريقة استعادة القدرة على الاختيار الحقيقي.
* عميد كلية القانون – الجامعة الخليجية
في الواقع واحدة من طرق التحكم بالآخرين هي منحهم حق الاختيار الشكلي أو الظاهري، والحقيقة أن مقدم الخيارات حصر المقابل بمجموعة من الخيارات كلها تصب في صالحه، أو يضعه أمام مصيبتين فيختار أيسرها، إلا أنه في نهاية الأمر سيشعر المقابل أنه صاحب اختيار، لكنه في الواقع قبل بأمور لا يمكن أن يقبل بها في الأوضاع الطبيعية أو إذا ترك بدون خيارات، فعندما يكون الإنسان محدداً بمجموعة من الخيارات، الظاهر فيها أنها واسعة وكثيرة، لكنها في الحقيقة تقود إلى نتيجة محددة مسبقاً، سيكون أقل قدرة على التحكم في وضعه ومستقبله، استخدام هذه التقنية في التعامل يؤثر تأثيراً سلبياً على الحرية، ومن يوضع أمام هذا النوع من الخيارات ليس له اختيار وصوت حقيقي.
وأنا أكتب هذه السطور وعندما وصلت إلى ختام هذه الكلمات وفي لحظات التفكير في كيفية التعامل مع هذا التحدي إذا ما تعرضنا له، تذكرت أخي، الذي إذا ما زار أحداً، وبادره ذلك الشخص بقوله: ماذا تشرب شاياً أو قهوة؟ فكان يرد دوماً ممازحاً بعصير أو بيبسي، ويقول لا أحد يضيق علي خياراتي، ببساطة هذه طريقة استعادة القدرة على الاختيار الحقيقي.
* عميد كلية القانون – الجامعة الخليجية