لم تمضِ على انتهاء القمة العربية التي احتضنتها البحرين وترأس أعمالها جلالة الملك المعظم سوى أيام معدودة، حتى بدأت بلادنا تحركاتها بقيادة ملكنا حفظه الله لتفعيل وتحقيق المكاسب على مختلف الأصعدة للأمة العربية.
جلالة الملك يجتمع اليوم في موسكو مع الروسي فلاديمير بوتين، وبعدها سيجتمع في الصين مع الرئيس شي جين بينج، وتأتي هذه الاجتماعات بدعوة من الرئيسين، وفي هذه المسألة دلالات عديدة.
أول الدلالات: الدعوتان تأتيان بعد أيام من ختام أعمال القمة العربية في البحرين، وصدور البيان الختامي وإعلان البحرين، ما يعني اهتمام الدولتين اللتين تعتبران من القوى العالمية الكبرى المؤثرة بالحراك العربي ومواقف دولنا.
ثانياً: الدعوة موجهة من الرئيسين الروسي والصيني لجلالة الملك حمد، باعتباره رئيس الدورة الحالية للدول العربية، وكذلك نظراً لعلاقة الصداقة الوثيقة والتعاون المطرد التي تجمعه شخصياً معهما، إضافة للعلاقات الثنائية المتميزة بين البحرين وروسيا والصين.
ثالثاً: زيارة ملك البحرين والاجتماعات التي سيعقدها على مستوى القمة، ستركز على مخرجات القمة العربية، ما يعني اهتمام هذين القطبين العالميين بالموقف العربي تجاه مختلف القضايا على رأسها القضية الفلسطينية وضرورة وقف العدوان الإسرائيلي على الأبرياء في غزة ووضع المجتمع الدولي أمام مسؤوليته الأخلاقية، ورفض الانحياز الفاضح لأقطاب دولية أخرى تدعم هذا الإجرام وانتهاكات حقوق الإنسان.
رابعاً: ما يقوم به جلالة الملك دوماً عبر زياراته ولقاءاته مع قادة الدول الشقيقة والصديقة، يأتي في إطار السياسة الخارجية الذكية التي تمضي على نهجها البحرين، وذلك من خلال تعزيز التحالفات وتوثيق العلاقات بما يخدم مصالح الدول والشعوب، سواء العربية أو الشقيقة. وفي عالم السياسة ومواجهة التحديات الإقليمية والعالمية، لابد اليوم من سياسة ذكية تجمع ولا تفرق، ولابد من مد التحالفات لتشمل أطرافاً وقوى مؤثرة تتوافق معنا في ملفات العمل المشترك ودعم السلام والانتصار للإنسانية.
خامسا: لهاتين الزيارتين أهمية أيضاً على صعيد التعاون في المجالات المختلفة، وبرغم أن الملفات السياسية مهمة، إلا أن تعزيز التعاون في مجالات التعاون الاقتصادي والاستثماري والعلمي وحتى العسكري، يمثل أهمية كبرى بالنسبة للدول، وهذا الأسلوب يميز التحرك والعمل البحريني الخارجي وحقق العديد لبلادنا من احترام ومكاسب وتعاون وبناء للثقة.
بانتظار نتائج زيارة ملكنا الغالي للدولتين الكبريين والتي ستحمل بالضرورة مكاسب لبلادنا ولدولنا العربية بالنظر لترؤس البحرين للعمل العربي المشترك حالياً، وهي خطوة مؤثرة وسريعة تقوم بها البحرين لتعلن بداية تفعيل ما اتفق عليه القادة العرب، وإيصال الموقف العربي وملامح الحراك القادم لدول لها ثقلها ولها علاقاتها القوية معنا، بتطلع أن تسهم هذه التحركات في تعزيز العمل الجاد لنصرة قضايانا وبيان عدالتها، ولتحقيق نتائج فاعلة على الأرض.
رافقت ملكنا السلامة في الحل والترحال، ووفق الله جهوده في تحقيق الخير للبحرين وللأمة العربية، وما هذه التحركات إلا بداية لمسيرة عمل متواصلة ومكثفة في الفترة القادمة، فترة تقود فيها البحرين العمل العربي المشترك وتتطلع لأن تنجز وتقدم فيه ما يحقق تطلعاتنا وآمالنا وينصر قضايانا.