أولاً: فوضى البحر
مَن صاده؟ ومَن باعه؟
نشكر جميع الجهات التي نشطت في حملاتها التفتيشية في الأسواق، وعلى رأسها إدارة مرافئ الصيد البحري، حيث قامت بمصادرة المخالفات البحرية التي جرت في يوم واحد وبلغت 220 كيلوغراماً!!
بالتأكيد، إننا تخيّلنا، من خلال حجم المصادرة أمس، حجم المخالفات المستمرّة، ويدلّك على أن ما نقوم به غير كافٍ لمنع هذا الاستنزاف المستمرّ، فهذه الفوضى في المخالفات وهذا التجاوز العلنيّ على القانون لن يتوقّف ما لم تتمّ محاسبة من صاده ومن باعه، أياً كان اسمه ولقبه وتحت أيّ دثار يتدثّر، ما لم يعلم القاصي قبل الداني بجدية الدولة في حفظ هيبتها وقوانينها التي تُهان في عرض البحر يومياً وعلى مرأى ومسمع الجميع، ويصل للجميع خبر محاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم، فحينها فقط سيعلم مَن في البحرين ومَن خارج البحرين أن مملكة البحرين بدأت حِقبةً لافتةً للنظر تُحاسِب فيها الكبير قبل الصغير، سنرى كيف سيُنظَّف البحر ويستعيد عافيته.
الفوضى الثانية:
فوضى الدكاكين
انتشر فيديو لاثنين من الجالية المصرية وهما في سيارتهما يَعُدّان محلات الحلاقة الرجالية الموجودة في شارع واحد فقط في إحدى مناطق البحرين، وقد تجاوز عددها العشرة محلات في مساحة تقلّ عن 500 متر، حتى إن ظرافة الإخوة المصريين تَبَدّت في تعليقاتهم على كثرة محلات الحلاقة في شارع واحد، فقال أحدهما هذا الشارع يجب أن يُسمّى «شارع الشعراوي»!!
فعلاً الأمر يدعو للعجب ويدعو للسخرية ويدعو للوقوف أمام مظاهر الفوضى التي كانت واضحةً في عدد السجلات والتراخيص المُستخرجة لممارسة الأنشطة الواحدة، والسّماح لها بممارسة أنشطتها بهذا الشكل الفوضوي، أليس هناك تخطيط؟ أليست هناك ضوابط؟ أليست هناك دراسة لاستيعاب السوق؟ أليست هناك معايير للجودة تعمل على تحسين مستوى الخدمات بحيث لا يكون الأمر «مهييه»، بهذا الشكل، أي باب مفتوح على مصراعيه دون معنى ودون حساب؟
ليس ذلك الشارع الذي صوّره الإخوة المصريون فقط الذي تبرز به مثل هذه الظاهرة، ففي كلّ مدينة تنتشر ذات الظاهرة وذات الفوضى، ما أكثر المناطق التي تبدأ سكنيّة وتنتهي بتجارية وتتحوّل فيها كراجات السيارات في البيوت إلى دكاكين، يختلط بها الحابل بالنابل، وتبرز لك من كلّ نوع من الأنشطة التجارية عشرات الدكاكين تُمارس نفس النشاط في نفس الشارع، ناهيك عن عدم وجود مواقف سيارات تتناسب مع التغيّر الذي طرأ فجأة «سبحان الله» وحوّل المنطقة السكنيّة إلى تجارية، وما إن تمرّ عشر سنوات حتى يبدأ قاطنو تلك البيوت، التي بنوها بقروض ودفعوا دم قلبهم عليها، بالتفكير في الانتقال لأنّ الوضع أصبح لا يُطاق، فيضطرون إلى القروض والاستدانة لبيت آخر «هل هناك حاجة إلى تعداد أمثلة على تكرار هذا السيناريو؟».
كيف نتوقّع أن يدخل صغار التجار من المواطنين السوق وتكون مشاريعهم الصغيرة مصدر رزقهم، إن كانوا يرون أن المنافسة غير شريفة، كما هو الوضع الآن، وأن هذه الفوضى في مَنْح التراخيص والسجلات والتخطيط العمراني ستقضي على أي طموح لهم، خاصة وأن الأجانب يشكّلون تكتّلات في مواجهة البحريني فلا يستطيع الصمود؟
نجاحنا الاقتصادي لا يجب أن يقتصر على تنمية موارد الدولة وجذب الاستثمارات الكبيرة فحسب، ولو أن ذلك مهمّ جداً، إنما يجب أن نحدّد موقفنا من الاقتصاد المبنيّ على المشاريع الصغيرة والمتوسطة لتكون مصدر دخل للمواطنين، هذه الشرائح محسوبة على القطاع الخاص الذي نفكّر أن يكون هو المحرّك للاقتصاد وفق رؤية 2030، فهناك دول مواطنوها يعتمدون بشكل كبير على مشاريعهم العائلية الصغيرة التي تغنيهم عن الوظيفة، وهذا ما نسعى له تخفيفاً عن بند الرواتب الحكومية، فهذه الاقتصاديات تُعيل أُسَراً وتفتح بيوتاً وتُربّي أجيالاً.
فإن اتخذنا مثل هذا القرار فإن علينا أن نُعيد النظر في أمور كثيرة، لابد أن يُعاد التنسيق فيما بينها وربطها من جديد بشكل مختلف لِتوقَف هذه الفوضى، تشمل العديد من الجهات ذات العلاقة بما فيها الإجراءات والقرارات وحتى القوانين، لتحمي تلك المؤسسات وتدعمها وتضبط دخولها للسوق، أما هذه الفوضى الحالية فإنها مؤشرٌ خطيرٌ على أننا لم نحدّد بعد موقفنا من أسواقنا واقتصادنا.
مَن صاده؟ ومَن باعه؟
نشكر جميع الجهات التي نشطت في حملاتها التفتيشية في الأسواق، وعلى رأسها إدارة مرافئ الصيد البحري، حيث قامت بمصادرة المخالفات البحرية التي جرت في يوم واحد وبلغت 220 كيلوغراماً!!
بالتأكيد، إننا تخيّلنا، من خلال حجم المصادرة أمس، حجم المخالفات المستمرّة، ويدلّك على أن ما نقوم به غير كافٍ لمنع هذا الاستنزاف المستمرّ، فهذه الفوضى في المخالفات وهذا التجاوز العلنيّ على القانون لن يتوقّف ما لم تتمّ محاسبة من صاده ومن باعه، أياً كان اسمه ولقبه وتحت أيّ دثار يتدثّر، ما لم يعلم القاصي قبل الداني بجدية الدولة في حفظ هيبتها وقوانينها التي تُهان في عرض البحر يومياً وعلى مرأى ومسمع الجميع، ويصل للجميع خبر محاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم، فحينها فقط سيعلم مَن في البحرين ومَن خارج البحرين أن مملكة البحرين بدأت حِقبةً لافتةً للنظر تُحاسِب فيها الكبير قبل الصغير، سنرى كيف سيُنظَّف البحر ويستعيد عافيته.
الفوضى الثانية:
فوضى الدكاكين
انتشر فيديو لاثنين من الجالية المصرية وهما في سيارتهما يَعُدّان محلات الحلاقة الرجالية الموجودة في شارع واحد فقط في إحدى مناطق البحرين، وقد تجاوز عددها العشرة محلات في مساحة تقلّ عن 500 متر، حتى إن ظرافة الإخوة المصريين تَبَدّت في تعليقاتهم على كثرة محلات الحلاقة في شارع واحد، فقال أحدهما هذا الشارع يجب أن يُسمّى «شارع الشعراوي»!!
فعلاً الأمر يدعو للعجب ويدعو للسخرية ويدعو للوقوف أمام مظاهر الفوضى التي كانت واضحةً في عدد السجلات والتراخيص المُستخرجة لممارسة الأنشطة الواحدة، والسّماح لها بممارسة أنشطتها بهذا الشكل الفوضوي، أليس هناك تخطيط؟ أليست هناك ضوابط؟ أليست هناك دراسة لاستيعاب السوق؟ أليست هناك معايير للجودة تعمل على تحسين مستوى الخدمات بحيث لا يكون الأمر «مهييه»، بهذا الشكل، أي باب مفتوح على مصراعيه دون معنى ودون حساب؟
ليس ذلك الشارع الذي صوّره الإخوة المصريون فقط الذي تبرز به مثل هذه الظاهرة، ففي كلّ مدينة تنتشر ذات الظاهرة وذات الفوضى، ما أكثر المناطق التي تبدأ سكنيّة وتنتهي بتجارية وتتحوّل فيها كراجات السيارات في البيوت إلى دكاكين، يختلط بها الحابل بالنابل، وتبرز لك من كلّ نوع من الأنشطة التجارية عشرات الدكاكين تُمارس نفس النشاط في نفس الشارع، ناهيك عن عدم وجود مواقف سيارات تتناسب مع التغيّر الذي طرأ فجأة «سبحان الله» وحوّل المنطقة السكنيّة إلى تجارية، وما إن تمرّ عشر سنوات حتى يبدأ قاطنو تلك البيوت، التي بنوها بقروض ودفعوا دم قلبهم عليها، بالتفكير في الانتقال لأنّ الوضع أصبح لا يُطاق، فيضطرون إلى القروض والاستدانة لبيت آخر «هل هناك حاجة إلى تعداد أمثلة على تكرار هذا السيناريو؟».
كيف نتوقّع أن يدخل صغار التجار من المواطنين السوق وتكون مشاريعهم الصغيرة مصدر رزقهم، إن كانوا يرون أن المنافسة غير شريفة، كما هو الوضع الآن، وأن هذه الفوضى في مَنْح التراخيص والسجلات والتخطيط العمراني ستقضي على أي طموح لهم، خاصة وأن الأجانب يشكّلون تكتّلات في مواجهة البحريني فلا يستطيع الصمود؟
نجاحنا الاقتصادي لا يجب أن يقتصر على تنمية موارد الدولة وجذب الاستثمارات الكبيرة فحسب، ولو أن ذلك مهمّ جداً، إنما يجب أن نحدّد موقفنا من الاقتصاد المبنيّ على المشاريع الصغيرة والمتوسطة لتكون مصدر دخل للمواطنين، هذه الشرائح محسوبة على القطاع الخاص الذي نفكّر أن يكون هو المحرّك للاقتصاد وفق رؤية 2030، فهناك دول مواطنوها يعتمدون بشكل كبير على مشاريعهم العائلية الصغيرة التي تغنيهم عن الوظيفة، وهذا ما نسعى له تخفيفاً عن بند الرواتب الحكومية، فهذه الاقتصاديات تُعيل أُسَراً وتفتح بيوتاً وتُربّي أجيالاً.
فإن اتخذنا مثل هذا القرار فإن علينا أن نُعيد النظر في أمور كثيرة، لابد أن يُعاد التنسيق فيما بينها وربطها من جديد بشكل مختلف لِتوقَف هذه الفوضى، تشمل العديد من الجهات ذات العلاقة بما فيها الإجراءات والقرارات وحتى القوانين، لتحمي تلك المؤسسات وتدعمها وتضبط دخولها للسوق، أما هذه الفوضى الحالية فإنها مؤشرٌ خطيرٌ على أننا لم نحدّد بعد موقفنا من أسواقنا واقتصادنا.