خلال جولتي في مطار جدة الجديد قبل أسابيع ومع بداية إجازة الصيف توقفت عند زاوية مكتبة جرير لأتفحص آخر الإصدارات لعلي أجد كتاباً يسليني حتى موعد إقلاع الطائرة بعد أن تم الإعلان عن تأخر الرحلة ساعتين. وأذكر أن يومها لم يكن مزاجي يدفعني نحو الكتب الثقيلة الدسمة بل كنت أبحث عن كتاب محتواه بسيط وسهل ليرافقني فترة الانتظار.
رفوف «جرير» المكتظة بأفضل الكتب كانت متعاونة معي، فلم تحيرني أو تعقد مسألة الاختيار علي ووجّهتني بسرعة نحو خانة «الأكثر مبيعاً» لتقع عيناي على كتاب أنيق الغلاف عنوانه «لأنك الله: رحلة إلى السماء السابعة» يحمل توقيع علي جابر الفيفي ويوجد أسفل الغلاف تنويه إلى أنها الطبعة السابعة والثلاثين، الأمر الذي أثار فضولي. حاولت أن أتصفح الكتاب لكنه كان مغلفاً بورق النايلون الشفاف فحملت نسخة مغلفة منه دون تردد واتجهت بها إلى منطقة الدفع.
اليوم، هذا الكتاب صديقي في استراحات القهوة ورفيقي قبل أن يغلب عيني النوم ليلاً، فلم يعد الهدف منه التسلية المؤقتة بل تحول إلى وجبة روحانية يومية. اليوم، استوعبت لماذا طبع من هذا الكتاب سبع وثلاثون طبعة ولماذا من المرجح أن يزيد عدد الطبعات أكثر من ذلك.
«لأنك الله» كتاب اختار مؤلفه أحد عشر اسما من أسماء الله الحسنى ليشرح معانيها ويربطها باحتياجات الإنسان لها وكل ذلك بأسلوب سهل وبسيط جداً يفهمه الصغير والكبير. هو كتاب يقرب المخلوق للخالق ويجعله يتأمل عظمته ويتفكر في صفاته.
على سبيل المثال، يتحدث الكتاب عن اسم الله «اللطيف» فيقول «إذا أراد اللطيف أن ينصرك، أمر ما لا يكون سبباً في العادة فكان أعظم الأسباب! وإذا أراد اللطيف أن يكرمك جعل من لا ترجو الخير منه هو سبب أعظم العطايا التي تنالك». ويقول أيضاً «عندما أراد اللطيف أن يخرج يوسف عليه السلام من السجن، لم يدكدك جدران السجن.. فقط جعل الملك يرى رؤيا في المنام تكون سبباً خفياً لطيفاً يستنقذ به يوسف الصديق من أصفاد الظلم!».
وفي مثال آخر، يتطرق الكتاب إلى اسم الله «الشكور» فيقول عن العطاء والمكافأة الربانية الآتي: «مع كرم الله تتغير المسائل الحسابية!! لأنه كرم لا يخضع للمعادلات الحسابية بل للفضل الإلهي!! سبحانه! إذا أعطاك أدهشك وإذا أكرمك أذهلك...» نعم، هذا هو أسلوب الكتاب السهل والمليء بجرعات كبيرة من الأمل والإيمان والتوكل على الله والتي تقدم بأسلوب قصصي جميل ومشوق.
وأقترح على أولياء الأمور طالما نحن في إجازة الصيف أن يحصلوا على نسخة من هذا الكتاب الرائع ليقرأوه لأنفسهم وبأنفسهم أولاً، ثم ليهدوه إلى فلذات أكبادهم سواء كانوا طلبة في المدارس أو الجامعات ويحثوهم على قراءته ليملأ وقت فراغهم بمعلومة فيها فائدة وخير ولعله يكون سبباً في تقريبهم أكثر من دينهم وخالقهم.
بالأمس، زرت «جرير» فرع الخبر وفزت بكتاب «لأنك الله: معراج النفوس المطمئنة» وهو الجزء الثاني للكتاب الذي تطرقت إليه في الأعلى، وبدءاً من الليلة سأبدأ إن شاء الله في محاولة تكوين صداقة معه لعلها تنجح فما أحوجنا هذه الأيام للأصدقاء الأوفياء المخلصين الطيبين!
إجازة صيف سعيدة ومفيدة أساسها طاعة الرحمن أتمناها للجميع.