مثّل انتشار الإسلام في مكة وفتحها 8هـ/629م نقطة تحول مهمة في تاريخ الجزيرة العربية والخليج العربيّ وكان له الأثر في قلب موازين القوى لصالح الدعوة الإسلامية ودولة النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة. هذا الحدث مهّد الطريق لانتشار الدين الإسلامي في المنطقة دون معوقات، حيث قام الرسول صلى الله عليه وسلم بتنظيم شؤون الحكم والدعوة من خلال تعيين أمراء وإرسال سفراء ودعاة لنشر الإسلام في مختلف أقاليم الجزيرة العربية والدول المجاورة لها. وكانت البحرين من بين النواحي المهمة التي نالت اهتمام الرسول صلى الله عليه وسلم. فقد وصلتها مبكراً رسائله يدعوهم فيها إلى اعتناق الإسلام، فاستجابت لدعوته وأسلمت صلحاً.
وكان لإسلام أهل البحرين أثر كبير في إدماجهم ضمن دولة النبي صلى الله عليه وسلم الناشئة وتقوية الروابط السياسية والاقتصادية بين البحرين والمركز الإسلامي في المدينة النبوية.
تعدّدت الرسائل التي أرسلت من النبي صلى الله عليه وسلم لزعماء وأهل البحرين، ولم يتفق المؤرخون حول عدد وزمن الرسائل، فقد ذكر ابن هشام أنّ الرسالة الأولى كانت في العام السابع للهجرة، بينما ذكر ابن سعد في طبقاته أنها في العام الثامن للهجرة، وهو المرجّح حيث زادت قوة المسلمين بعد إسلام قريش وانضمام مكة لدولة النبي صلى الله عليه وسلم ممّا منحهم الحرية في نشر الدعوة. وفيما يلي نص الرسالة الأولى التي أرسلها النبي ﷺ عبر سفيره الصحابي الجليل العلاء بن عبدالله الحضرمي إلى حاكم البحرين ويُدعى المنذر بن ساوى العبدي التميمي يدعوه للإسلام: «بسم الله الرحمن الرحيم، مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إلَى الْمُنْذِرِ بْنِ سَاوَى، سَلَامٌ عَلَى مَنْ اتَّبَعَ الْهُدَى، أَمَّا بَعْدُ: فَإِنِّي أَدْعُوك إلَى الْإِسْلَامِ، فَأَسْلِمْ تَسْلَمْ، أَسْلِمْ يَجْعَلْ اللَّهُ لَك مَا تَحْتَ يَدَيْك، وَاعْلَمْ أَنَّ دِينِي سَيَظْهَرُ إلَى مُنْتَهَى الْخُفِّ وَالْحَافِرِ».
حيث تضمّنت الرسالة مفاهيم مهمة منها دعوة المنذر وأهل البحرين للإسلام، وقد اتبع النبيّ صلى الله عليه وسلم في دعوته أسلوبيّ الترغيب والترهيب فرغبه بإبقائه حاكماً على البحرين عند إسلامه، ورهّبه بأنّ الإسلام سيصل البحرين ويتخطاها، وقد جاءت مفردات الرسالة متّسمة بالوضوح والبيان في عرض الدعوة وهو من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم حيث تميز بجوامع الكلم.
استقبل المنذر بن ساوى الذي تميّز بالحكمة ورجحان العقل رسالة النبي صلى الله عليه وسلم، وبادر إلى محاورة العلاء الذي تميّز بالعلم والحجة. فاستجاب لدعوة النبي صلى الله عليه وسلم فأسلم، وتبعه الكثير من أهل البحرين بعد أن عرض عليهم الإسلام وشاورهم فيه، وكانت السمات الثقافية والعمق الحضاري الذي اتسم بها البحرين من بين العوامل التي دفعت أهلها لسرعة استجابتهم ودخولهم في الإسلام. فكان هذا الحدث علامة فارقة في تاريخ المنطقة، حيث انضمت البحرين إلى الدولة الإسلامية الناشئة.
إنّ إسلام أهل البحرين كان خيراً عظيماً، فقد أسهم أهل البحرين في خدمة الإسلام اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً في مختلف العصور، فضلاً عمّا حققه من مكاسب وثمار يانعة استمرت إلى يومنا هذا. فالبحرين كانت ولاتزال ذات أهمية كبرى بفضل موقعها وثرواتها وتميزها الاقتصادي والحضاري.
وقد أحدث إسلام إقليم البحرين تأثيراً عميقاً على المنطقة، حيث عزّز أواصر الوحدة الإسلامية ووسّع رقعة الدولة الإسلامية، وظل شاهداً على حكمة ورحمة الدعوة الإسلامية وقوة تأثيرها وعمق رسالتها.
باحث في التاريخ وأكاديمي
وكان لإسلام أهل البحرين أثر كبير في إدماجهم ضمن دولة النبي صلى الله عليه وسلم الناشئة وتقوية الروابط السياسية والاقتصادية بين البحرين والمركز الإسلامي في المدينة النبوية.
تعدّدت الرسائل التي أرسلت من النبي صلى الله عليه وسلم لزعماء وأهل البحرين، ولم يتفق المؤرخون حول عدد وزمن الرسائل، فقد ذكر ابن هشام أنّ الرسالة الأولى كانت في العام السابع للهجرة، بينما ذكر ابن سعد في طبقاته أنها في العام الثامن للهجرة، وهو المرجّح حيث زادت قوة المسلمين بعد إسلام قريش وانضمام مكة لدولة النبي صلى الله عليه وسلم ممّا منحهم الحرية في نشر الدعوة. وفيما يلي نص الرسالة الأولى التي أرسلها النبي ﷺ عبر سفيره الصحابي الجليل العلاء بن عبدالله الحضرمي إلى حاكم البحرين ويُدعى المنذر بن ساوى العبدي التميمي يدعوه للإسلام: «بسم الله الرحمن الرحيم، مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إلَى الْمُنْذِرِ بْنِ سَاوَى، سَلَامٌ عَلَى مَنْ اتَّبَعَ الْهُدَى، أَمَّا بَعْدُ: فَإِنِّي أَدْعُوك إلَى الْإِسْلَامِ، فَأَسْلِمْ تَسْلَمْ، أَسْلِمْ يَجْعَلْ اللَّهُ لَك مَا تَحْتَ يَدَيْك، وَاعْلَمْ أَنَّ دِينِي سَيَظْهَرُ إلَى مُنْتَهَى الْخُفِّ وَالْحَافِرِ».
حيث تضمّنت الرسالة مفاهيم مهمة منها دعوة المنذر وأهل البحرين للإسلام، وقد اتبع النبيّ صلى الله عليه وسلم في دعوته أسلوبيّ الترغيب والترهيب فرغبه بإبقائه حاكماً على البحرين عند إسلامه، ورهّبه بأنّ الإسلام سيصل البحرين ويتخطاها، وقد جاءت مفردات الرسالة متّسمة بالوضوح والبيان في عرض الدعوة وهو من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم حيث تميز بجوامع الكلم.
استقبل المنذر بن ساوى الذي تميّز بالحكمة ورجحان العقل رسالة النبي صلى الله عليه وسلم، وبادر إلى محاورة العلاء الذي تميّز بالعلم والحجة. فاستجاب لدعوة النبي صلى الله عليه وسلم فأسلم، وتبعه الكثير من أهل البحرين بعد أن عرض عليهم الإسلام وشاورهم فيه، وكانت السمات الثقافية والعمق الحضاري الذي اتسم بها البحرين من بين العوامل التي دفعت أهلها لسرعة استجابتهم ودخولهم في الإسلام. فكان هذا الحدث علامة فارقة في تاريخ المنطقة، حيث انضمت البحرين إلى الدولة الإسلامية الناشئة.
إنّ إسلام أهل البحرين كان خيراً عظيماً، فقد أسهم أهل البحرين في خدمة الإسلام اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً في مختلف العصور، فضلاً عمّا حققه من مكاسب وثمار يانعة استمرت إلى يومنا هذا. فالبحرين كانت ولاتزال ذات أهمية كبرى بفضل موقعها وثرواتها وتميزها الاقتصادي والحضاري.
وقد أحدث إسلام إقليم البحرين تأثيراً عميقاً على المنطقة، حيث عزّز أواصر الوحدة الإسلامية ووسّع رقعة الدولة الإسلامية، وظل شاهداً على حكمة ورحمة الدعوة الإسلامية وقوة تأثيرها وعمق رسالتها.
باحث في التاريخ وأكاديمي