بالرغم من صغر مساحته الجغرافية والتي لا تتعدى 10452 كلم2، إلا أنه محل جذب واهتمام لجميع الأجناس. وحدوده لطيفة بسيطة، فسوريا تشاركه من الشمال والشرق، وفلسطين من الجنوب، والبحر من الغرب. أعرض حدوده وذلك كي يتبيّن لك عزيزي القارئ كيف أن لبنان شكله كالخندق، الكل يتوجه إليه ويحتمي به من الخارج، بينما أهله من الصعوبة في ظلّ الأوضاع غير الآمنة في دول الجوار الهروب منه براً إلا بقدرة قادر.
‏ومع صغر حجمه وضيق حدوده إلا أنه -للأسف- اللبنانيون أنفسهم «مضيعين البوصلة»، ولا يعلمون على أي مرسى يجب أن يرسوا!!!
فلبنان النبض الصامد في كل محفل حاضر، فمع حرب غزة جاهز، ومع حرب سوريا حاضر، ومع حرب اليمن موجود، ومع حرب السودان متضامن، ومع حرب العراق ثائر، ولموضوع المقاطعة فاعل، ولكن لموضوع العنصرية غافل. وعلى المنقلب الآخر للسهرات والحفلات تحت وقع الصواريخ النارية شغال، ولرفع أسعار الدولار، ليصل حد فوق الاحتمال، سبّاق، وللإساءة لدول قدّمت الغالي والنفيس نسّاي، ولإنتاج العلماء والمتعلمين ذوي النخبة في كل المجالات فهذا أعطيك به 100% ضماناً ولكن لتصدير الكبتاغون والمخدرات لدول ما رأينا منها إلا الخير نجده ليس بندمان. والبلد الأول الذي يُجرَّب به كل أنواع الأسلحة والمتفجرات باستثناء القنبلة الذرية هو رضيان.. والقائمة تطول. فكمية التناقضات التي تحيط بلبنان والتحديات التي تساوره من جميع الجهات وعلى مدار الأزمان يشيب لها الرأس، وتُرفع الأيادي حمداً لله بدل الاستسلام لأنه شعب لا يقهر رغم الانكسارات!!
لذا، فليس من العُجاب أن تعلم بأنه البلد الوحيد الذي يفوق عدد لاجئيه عدد مواطنيه، والبلد الوحيد الذي تجد عدد مغتربيه يفوق عدد سكانه المقيمين فيه، والبلد الوحيد المشهور بكثرة الطوائف وتعدّد الأحزاب السياسة والدينية، ومع كل هذا تجد الشعب بالرغم من الاختلافات والانهزامات يتقبّل الخلاف ومسانداً بعضه بعضاً في الأزمات، عله يصل يوماً إلى بوصلة الأمان التي تاهت منه من زمان.