هذه رسالة موجهة لمن يصنفون اليوم كقيادات شابة أو دماء جديدة تُمنح الثقة، وتوضع في مواقع يعول عليها القيام بالتطوير وتعزيز الإنتاج.الثابت في أساسيات التطوير الإداري تلك المعادلة التي تؤكد بأن ”القطاعات ليست أجهزة جامدة لا تتغير أحوالها أو بالأحرى لا يمكن إصلاحها أو تطويرها أو تحسين الأداء فيها بما يحسن مخرجاتها“.هنا لدينا العامل المهم الذي يصنع الفارق في كل شيء في هذه الدنيا، العامل الذي يصنع إما النجاح أو الفشل، وطبعاً أتحدث عن الإنسان نفسه.نعم، نحن كبشر بيدنا تحديد مصائرنا، وأيضاً مصائر الأمور التي نعنى بها، بالتالي يمكننا أخذ قرار ببناء شيء ليرتفع لعلو شاهق، وبيدنا أيضاً هدمه بسرعة متناهية لو قررنا تدميره.الإنسان هو الفارق في كل شيء، وبناء الحضارات والمجتمعات المتقدمة تم من خلال الإنسان الذي يقبل التحديات، ويصر على الإصلاح، وينهض بالجهود ويعمل من أجل التطوير والبناء.وعلى الجانب الآخر، حينما تطغى السلبية على الحراك البشري، وحينما يكون الجمود ديدن الإنسان، حتى لو كان في موقع مسؤولية وصاحب قرار مؤثر، وحتى لو توفرت له الإمكانيات والتسهيلات، وحتى لو منحت له ثقة القيادة، فإن هذه السلبية هي التي تحوله إلى ما يشبه ”الديناميت“، تحوله إلى أداة التدمير الحتمية لكل شيء. هذا ”الديناميت البشري والإداري“ يجب تجنبه، والعمل على إصلاحه بأسرع لو رأينا فيه بارقة أمل.بالتالي لابد من التذكير دوماً بأننا «في زمن جاد، ونحتاج فيه لأناس جادين»، ومن وحي ذلك فإننا نبحث دوماً عن أنماط متجددة وقوية في إسناد الأمور والمهمات للأشخاص الجادين.هذه الجدية لا ترتبط بسمات شخصية، أو معني بها تصرفات يطالعنا بها المسؤول، بل هي الجدية في العمل، والقوة في الإدارة، والرغبة في تحقيق المستحيل، والشجاعة في اتخاذ القرار، والذكاء في وضع السياسات، والابتكار والإبداع في إيجاد البدائل والحلول، والحنكة في تطوير الأفراد وصناعة صفوف ثانية وثالثة.لذلك، لو حصرنا كثيراً من المشاكل والمعوقات التي صادفت بعض القطاعات، سنجد بأن الاجتهادات البشرية لها الدور الأكبر، والقرارات غير الموفقة لها نصيب الأسد.ولا مجال للتذرع هنا بأن السبب قلة إمكانيات وضعف موازنات وأوضاع خاصة، فالإنسان الجاد صاحب السمات التي ذكرناها، هو الشخص الذي يمكنه تحويل التراب إلى الذهب، وتحويل الوضع الميت إلى وضع ينبض بالحياة، بإمكانه التغيير والتطوير والعمل لأجل الإصلاح.تحديات الدولة كثيرة، والزمن سريع واللحاق به صعب جداً، وفي ظل وجود تحديات عديدة، مالية وعالمية وتأثيرات الأوضاع المتقلبة، لابد من الحلول الذكية، تلك الحلول التي يمكن أن تؤسس لأنماط عمل ثابتة، ونتائج مؤثرة، الحلول التي لا تكون مرهونة بوقت وتنتهي سريعاً، ولا تلك التي تأتي كعلاجات طارئة، ثم تزول بنهاية المؤثر؛ ففي زمن تعصف به التقلبات، المغامرات فيه تعني مزيداً من المعاناة والتراجع والقبول بالمصير المجهول، والجدية هي الثابت القوي الذي يجعلك تبني على أرضية صلبة.الذكاء في التعامل بذكاء مع كل شيء، وفي شأن القطاعات الرهان لابد وأن يكون على الكفاءات القادرة المؤهلة والأهم الكفاءات “الجادة”، والتي يجب ألا تكون عرضة للاهتزاز والتأثر والتغير بسبب بهرج المنصب ومزاياه، أو تأثيرات المحيطين وغيرها. بل التعويل على الكفاءات التي يكون التنصيب لها تحدياً ومعركة لا شعار فيها سوى تحقيق النجاح.