على امتداد التاريخ البشري، نهضت حضارات، وتهاوت أخرى. تفوقت شعوب، وتراجعت أخرى. سطع نجم إمبراطوريات، وتفتت أخرى. واقع حال كان يمضي في اتجاه واحد، فإذا به يتغير وينقلب، وكأن المسار أصبح في اتجاه آخر. هي معادلات بحتة، ومن يتبحر في العلوم البشرية يدرك تماماً بأن سير الأمور في هذا العالم قائم على المعادلات وقائم على الرياضيات، وبتبسيط أكثر، قائم على الفعل وردود الفعل وتغيير المسارات أو تكيف الظروف في اتجاه معين. نحن نعيش في مجتمع تأتت له فرص عديدة في اتجاه التغيير. مفترقات طرق عصفت بالبحرين، وأدت لمرات ومرات إلى مراجعة الطرائق والأساليب، بل حتى السياسات العامة. لكن كل هذا التغيير لم يكن له أن يحصل لو كان القائمون عليه يائسين، بل هو من الاستحالة أن يوجد أو ينتظر بزوغ فجره لو كنا ننتظره من يائس. لو لم يتجرأ قباطنة البحار الذين خاضوا مواجهة قد تكون قاتلة مع أعنف العواصف وأعتى الأمواج في المحيطات، لما اكتشفت قارات وعوالم. لو لم يضحِ عباس بن فرناس بنفسه وهو يحاول محاكاة الطيور في طيرانها لما وجدت الفكرة الأولى للطيران الذي في يومنا هذا نرى فيه أطنان الحديد تطير حاملة مئات الناس. لو لم يحاول توماس إديسون لأكثر من ألف مرة لما اخترع المصباح الكهربائي، وهناك عشرات من الشواهد. الحياة كلها تحديات، اليائسون هم من لا يذكرهم التاريخ أبداً، وإن ذكرهم فسيذكرهم بترددهم وسلبيتهم. لذلك هناك في بعض المجتمعات يدرسون أطفالهم كيف يكونون دائماً رابحين، اليأس لا مكان له في القاموس، ونحن للأسف في دولنا نقولها وفق قول شهير «لا يأس مع الحياة»، لكن هل نطبق هذه المعادلة فعلاً؟! بل هل نحن أصلاً مقتنعون بها؟! بل هل نعي ما قلنا وما تعنيه الكلمات؟! اليائسون أبداً لا يصنعون التغيير. تذكروا هذه الجملة، فهي تحرك الدماء في العروق، وتصنع فورة إصرار غير طبيعية، شريطة أن تكونوا من المقاتلين لأجل التغيير والتصحيح والإصلاح وتحقيق النجاح.