غداً ٥ نوفمبر موعد الانتخابات الأمريكية، والتي تبدو نتيجتها غامضة هذه المرة؛ نظراً لانقسام الناخبين بين المترشحين هاريس وترامب مع عدم ترجيح كفة أحدهما على الآخر.

والمفارقة أن أمريكا تدخل الحقبة القادمة - بغض النظر عن الرئيس المنتخب - وهي تتربع على عرش الدول المصدرة للنفط وصاحبة أكبر إنتاج نفطي في العالم.

نعم، أمريكا التي طالما دعت للاستغناء عن الوقود الأحفوري واستبداله بالطاقة النظيفة هي الدولة رقم واحد اليوم في إنتاج وتصدير النفط حيث تجاوزت السعودية وروسيا لتنتج ١٣ مليون برميل نفط في اليوم، وسرعان ما ستكون الدولة الأولى في إنتاج الغاز الطبيعي المسال متفوقة على أستراليا وقطر ! ويحدث ذلك في حقبة الرئيس الحالي بايدن الذي قال لإحدى ناشطات البيئة في ولاية (نيو هامبشاير) خلال حملته الانتخابية في ٢٠١٩ «أضمن لك...أضمن لك، أننا سنقضي على الوقود الأحفوري»! ويبدو أن هذا الضمان والوعد الانتخابي سرعان ما تبخر مثل ما يتبخر الغاز الطبيعي بعد أن وصل بايدن للرئاسة! بل يعد بايدن أكثر رئيس أمريكي أعطيت في عهده تراخيص التنقيب عن النفط والغاز حيث وصلت إلى ٧٥٨ رخصة في ٢٠٢٣ وحدها وهو أكثر من ضعفي ما أعطي خلال السنة الأخيرة من عهد ترامب مثلاً.

والسؤال هو: ما الذي يدفع أمريكا لهذا الإنتاج النفطي غير المسبوق؟وتكمن الإجابة في تطور تكنولوجيا التكسير الهيدروليكي التي سمحت باستخراج النفط الصخري بتكلفة تجعل من عملية بيعه عملية مربحة.

يصاحب ذلك رفع الحظر عن تصدير النفط الأمريكي في العام ٢٠١٥ مما جعل أمريكا تنغمس في هوس التنقيب والتصدير غير آبهة بالاحتباس الحراري الذي يطال الأرض أو أي تلوث بيئي قد يسببه الوقود الأحفوري.

وهذان السببان يؤديان اليوم إلى سحب مليون برميل نفط في كل ساعة تقريباً و ٢ مليون طن من الغاز من تكساس حتى ألاسكا! ليس ذلك فحسب، بل إن أمريكا ومعها بريطانيا وكندا والنرويج وأستراليا يتحملون مسؤولية إصدار ٦٧٪؜ من تراخيص النفط والغاز في العالم منذ ٢٠٢٠ الأمر الذي يضعهم في موقف متناقض للغاية مع ادعائهم تبني سياسات لإنقاذ الكوكب والحفاظ على البيئة.

وتعليقا على هذا التناقض الصريح يقول هارجيت سنج مدير العلاقات الدولية في مبادرة منع انتشار الوقود الأحفوري إن نفاق الدول الغنية والتي تعتبر تاريخياً الدول المسؤولة عن الأزمة المناخية الحالية يعد نفاقاً فاضحاً خاصة مع استثمارها بكثرة في الوقود الأحفوري مما يضع العالم في كارثة مناخية على الرغم أن هذه الدول تدعي أنه تقود مسيرة الدفاع عن البيئة.

ويضيف أنه على الرغم من قدرتها الاقتصادية على استبدال الوقود الأحفوري إلا أن الدول الغنية أصبحت دول نفطية تفضل الربح على سلامة الكوكب وبذلك تقوض جهود العالم الذي يسعى للابتعاد عن الوضع البيئي الحرج.

وهكذا، وبكل بساطة، تصرح بعض دول الغرب بأمر ما علناً وتقوم بالنقيض خلف الكواليس.

ولذلك، فإن أمريكا تحديداً وخلال هذه الفترة سواء كانت حكومتها من الديمقراطيين أو الجمهوريين وطالما هي تهيمن على سوق النفط، لا يمكنها أن تتطرق إلى موضوع النفط والغاز ومضارهما على البيئة؛ فلن يسمع لها أحد!