لماذا كل هذا التركيز والضجة الإعلامية والحقوقية على مملكة البحرين التي تعتبر دولة ذات سيادة مطلقة لها عضويتها في هيئة الأمم المتحدة، ومن الواجب احترام شأنها الداخلي وعدم التدخل فيه عندما تشرع بتطبيق إجراءاتها القانونية وفق نظامها، كما لكونها دولة خليجية عربية إسلامية لها عضويتها في دول مجلس التعاون والجامعة العربية فهي ملتزمة، إلى جانب كل ذلك ووفق نظامها الدستوري الذي يقوم على الإسلام، في تنفيذ شرع الله تجاه ممن قاموا بقتل شهداء الواجب.

هل البحرين الدولة الوحيدة في العالم كله التي قامت بتطبيق القانون وبسط العدالة ورد الحق لأصحابه؟ هل هي الدولة الوحيدة التي قامت بسابقة دولية مثلاً في تنفيذ أحكام الإعدام على مجرمين سفكوا الدماء؟ ألم تعدم أمريكا وهي البلد الأول من دول الغرب في الإعدام كما هي بلد الحريات والديمقراطية 1407 شخصاً منذ عام 1976؟ وفق آخر تقرير صادر عام 2015 فإن هناك حوالي 3000 شخص ينتظرون تنفيذ حكم الإعدام فيما نفذت في العام نفسه 28 عملية إعدام!! وعندما نأتي إلى بريطانيا ونستحضر إجراءاتها الأمنية المشددة نجدها قد استخدمت الرصاص الحي عام 2011 في قمع أعمال الشغب لديها بعنف ودون مراعاة لدكاكين حقوق الإنسان، ركزوا «أعمال شغب» لا أعمال قتل وإرهاب للناس!!

لذا فمملكة البحرين ليست دولة تحلق في فضاء تطبيق الإجراءات القانونية لوحدها بعيداً عن حرب دول العالم في القضاء على الإرهاب والجرائم، وليست مستثناة من ألا يقوم قضاؤها المستقل النزيه برد حقوق أهالي الضحايا جراء فقدانهم لأبنائهم وذويهم في جرائم القتل. لقد تمت المحاكمات وفق إجراءات قانونية سليمة وصحيحة وعادلة ووفق توافر الأدلة والإثباتات والاعترافات، في الإسلام حكم القاتل أن يقتل إلا إذا تنازل أهل القاتل عن حقهم أو طالبوا بدية كما قال سبحانه وتعالى في كتابه الحكيم «ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب»، فمع القصاص تحفظ حياة الناس ويستمر تطبيق حكم الله الذي يعني إقامة الحق على أرضه.

مملكة البحرين بعد صبر طويل وبعد معاناة مريرة منذ أزمة البحرين الأمنية في 2011 قضت أن «تذبح ذباح الكلب» وهي قصة تاريخية معروفة ليفيق عملاء إيران من أوهامهم في أخذ نظام الحكم في مملكة البحرين عبر اختراقها بالإرهاب وجرائم القتل، لقد تمادى الإرهابيون في «جس نبض» البحرين ودول الخليج كافة بممارسة العديد من أوجه الإرهاب بدءاً من تفجير «السلندرات» مروراً بالزجاجات الحارقة «المولوتوف»، حتى وصلنا إلى تفخيخ المناطق بالقنابل والمتفجرات والمواجهة المسلحة، مثلما فعلوا في جريمة سجن جو، ليسقط لنا في كل جريمة إرهابية شهيد وضحية، وكما فعل أصحاب قصة «ذباح الكلب» الذين أرادوا أخذ المشيخة من شيخ القبيلة، فقتلوا كلب أبناء الشيخ الذي يعتبر عند العرب له مكانة قيمة كونه يحرس ممتلكاتهم ومنازلهم، ثم تمادوا بسرقة فرسهم ومن ثم تطور الأمر لصفع ابنة جيرانهم، فما كان من أبناء شيخ القبيلة إلا أن استمعوا لكلام والدهم الذي كان يدعوهم في كل مرة إلى «ذبح ذباح الكلب»، ويقتلون من حاول جس نبضهم بالاعتداء على كلبهم فلما قتلوه هرب من سرق الفرس، ومن ضرب ابنة الجيران وفهم الأبناء هنا حكمة الاقتصاص من «ذباح الكلب» وفائدتها.

اليوم في البحرين رجال الأمن يمثلون هيبة الدولة الأمنية ليس على المستوى المحلي إنما أمام العالم الذي من حولنا، فهم الحصن الذي يمنع تغلغل العصابات الإرهابية في المنطقة إلينا، لذا فمن راهن على هدم أمن البحرين تدريجياً ووفق مراحل تبدأ برمي الأسياخ والحجارة على رجال الأمن حتى يصل الحال إلى المواجهة المسلحة معهم قد أدرك اليوم أن رأس أفعى مخططاته قد قطع وأن ذيولها من خلايا إرهابية قام بتأسيسها ستفكك وتقتلع قريباً جداً.

مملكة البحرين اليوم تدرك أن الاقتصاص و»ذبح ذباح الأبرياء» بداية لعهد جديد وحياة أمن واستقرار وأمان، فالحزم الأمني بات مطلباً ملحاً أمام التطور النوعي للجرائم الإرهابية.

إن مملكة البحرين في عهد جلالة الملك تشرع اليوم لتأسيس عهد يشبه عهد الحكاية التاريخية الجميلة «السيف الأجرب»، الذي له قيمة كبيرة كونه يرمز إلى الإمام تركي بن عبدالله مؤسس الدولة السعودية الثانية، والذي بهذا السيف التاريخي استطاع أن يستعيد ملك آبائه وأجداده ويدحر الفتن الأهلية التي كانت حاصلة ويهرب من الأتراك، فتطبيق أحكام الإعدام هو بمثابة «السيف الأجرب» الذي يقطع مرحلة الانفلات الأمني، فلا لين مع الإرهاب ولا تهاون مع القاتل، وكما قال تعالى لنا «يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى».