«غير منطقي القول إما النسبية وإما الفراغ. هناك احتمالات عدة إلى جانب هذه النظرة الأحادية. الحوار، لا الإقصاء، هو الحل. إن قانون الانتخاب عملية جراحية دقيقة ونجاحها يتطلب الدقة والصبر والتشاور.
النسبية في نظام طائفي توازي المنزلة بين المنزلتين، أي حالة من عدم التوازن في التمثيل والاستقرار».
هل نصدق وليد جنبلاط «التويتري»؟
هل نقود لبنان، مرة أخرى، إلى القضاء والقدر، الذي اسمه الآخر قانون الستين، أم نقوده إلى الفراغ؟
الجواب، ببساطة، هو أن الزمن الذي كان فيه كمال جنبلاط، ثم وليد جنبلاط يصنعان الرؤساء قد ولى. الشرق الأوسط تغير، ولبنان بدوره تغير، والعالم العربي والإسلامي، بدوله ومؤسساته وحركاته السياسية والفكرية، يعيش حالة حرب مع نفسه، وهي حرب تتصارع فيها الهويات والمفاهيم والطموحات الإمبراطورية والجيوسياسية، ويتقاطع ما هو محلي مع ما هو إقليمي ودولي، ولا دور للأقليات في هذه المواجهة الدامية.
في الحروب الإسلامية الراهنة إبادات وعمليات تطهير وتهجير جماعي تتواصل على أساس طائفي ومذهبي وعرقي منذ عام 2011، حتى إن حواضر في العراق وسوريا، مثل بغداد والموصل، ومدنا كاملة في شرق وشمال سوريا، تكاد تخلو من تركيبتها التعددية التاريخية وتصبح أحادية الانتماء الطائفي والمذهبي. والتمازج بين ما هو ديني وما هو سياسي يتفاقم على دوي القذائف وشلالات الدم. حصيلة هذه المواجهات لا تزال غير واضحة، والصراع على «أي إسلام نريد» لم يتبلور بعد عن حقائق نهائية، والحداثة مشروع في الأفق المسدود. وما انفجر في وسط أوروبا ليرسم الخرائط الجديدة للدول، أو الأمم قد ينفجر الآن في المشرق على قاعدة البحث عن الدولة، أو الأمة، في وقت بدا مفهوم القوميات يخلي الساحة لمفهوم التكتلات الاقتصادية – السياسية الكبرى، وصولاً إلى الأسواق الضخمة في زمن العولمة.
أين لبنان من هذا كله؟
الجواب جوابان: الأول أن دور المجلس النيابي في الأنظمة الديمقراطية أساسي، بصورة خاصة في الأنظمة البرلمانية، وهو في لبنان أكثر من أساسي لأنه دور متعدد الوظائف: يمارس الرقابة المسبقة واللاحقة، ينتخب رئيس الجمهورية، يحصر بنفسه صلاحية تفسير القوانين، ويجمع بين التمثيل الشعبي والطائفي، ما يحوله إلى سلطة أولى بل قائدة تتركز فيها كل السلطات.
هذا كله يعني أن لبنان محكوم ببرلمانه وليس برئيسه أو حكومته، وأن اتفاق الطائف عزز سلطة البرلمان بلا حدود، وأضعف السلطة الإجرائية إلى أبعد الحدود، وليس مستغرباً اليوم أن يكون الصراع حادا على قانون الانتخابات، لأنه وحده يرسم معالم النظام السياسي، ووحده يشكل عملياً السلطات الدستورية ويحدد من يتولى الحكم.
وليد جنبلاط هنا يمارس حقاً مشروعاً في الاعتراض على النسبية لأنها تلغي «ملوك الطوائف» لمصلحة الناخبين والسلطة المدنية. ويبقى سؤال: هل إن ملوك الطوائف على استعداد لأن يتحولوا إلى زعماء سياسيين عاديين، هكذا ببساطة، في النظام السياسي اللبناني؟
المشكلة كلها هنا، وزعيم المختارة يدرك ذلك جيداً، وتحت ضغط هذه الحقيقة، وشعوره بأن دور الأقليات قد تلاشى، في الحرب التي تشهدها المنطقة، هو يقود معركة وقائية أقل ما يقال فيها إنها مغامرة كبيرة.
لكن زعيم المختارة، قبل غيره، مدعو إلى الإسهام بقوة في بناء الدولة المدنية، ويقيني في النهاية أن وليد بيك سيقوم بهذا الدور.
النسبية في نظام طائفي توازي المنزلة بين المنزلتين، أي حالة من عدم التوازن في التمثيل والاستقرار».
هل نصدق وليد جنبلاط «التويتري»؟
هل نقود لبنان، مرة أخرى، إلى القضاء والقدر، الذي اسمه الآخر قانون الستين، أم نقوده إلى الفراغ؟
الجواب، ببساطة، هو أن الزمن الذي كان فيه كمال جنبلاط، ثم وليد جنبلاط يصنعان الرؤساء قد ولى. الشرق الأوسط تغير، ولبنان بدوره تغير، والعالم العربي والإسلامي، بدوله ومؤسساته وحركاته السياسية والفكرية، يعيش حالة حرب مع نفسه، وهي حرب تتصارع فيها الهويات والمفاهيم والطموحات الإمبراطورية والجيوسياسية، ويتقاطع ما هو محلي مع ما هو إقليمي ودولي، ولا دور للأقليات في هذه المواجهة الدامية.
في الحروب الإسلامية الراهنة إبادات وعمليات تطهير وتهجير جماعي تتواصل على أساس طائفي ومذهبي وعرقي منذ عام 2011، حتى إن حواضر في العراق وسوريا، مثل بغداد والموصل، ومدنا كاملة في شرق وشمال سوريا، تكاد تخلو من تركيبتها التعددية التاريخية وتصبح أحادية الانتماء الطائفي والمذهبي. والتمازج بين ما هو ديني وما هو سياسي يتفاقم على دوي القذائف وشلالات الدم. حصيلة هذه المواجهات لا تزال غير واضحة، والصراع على «أي إسلام نريد» لم يتبلور بعد عن حقائق نهائية، والحداثة مشروع في الأفق المسدود. وما انفجر في وسط أوروبا ليرسم الخرائط الجديدة للدول، أو الأمم قد ينفجر الآن في المشرق على قاعدة البحث عن الدولة، أو الأمة، في وقت بدا مفهوم القوميات يخلي الساحة لمفهوم التكتلات الاقتصادية – السياسية الكبرى، وصولاً إلى الأسواق الضخمة في زمن العولمة.
أين لبنان من هذا كله؟
الجواب جوابان: الأول أن دور المجلس النيابي في الأنظمة الديمقراطية أساسي، بصورة خاصة في الأنظمة البرلمانية، وهو في لبنان أكثر من أساسي لأنه دور متعدد الوظائف: يمارس الرقابة المسبقة واللاحقة، ينتخب رئيس الجمهورية، يحصر بنفسه صلاحية تفسير القوانين، ويجمع بين التمثيل الشعبي والطائفي، ما يحوله إلى سلطة أولى بل قائدة تتركز فيها كل السلطات.
هذا كله يعني أن لبنان محكوم ببرلمانه وليس برئيسه أو حكومته، وأن اتفاق الطائف عزز سلطة البرلمان بلا حدود، وأضعف السلطة الإجرائية إلى أبعد الحدود، وليس مستغرباً اليوم أن يكون الصراع حادا على قانون الانتخابات، لأنه وحده يرسم معالم النظام السياسي، ووحده يشكل عملياً السلطات الدستورية ويحدد من يتولى الحكم.
وليد جنبلاط هنا يمارس حقاً مشروعاً في الاعتراض على النسبية لأنها تلغي «ملوك الطوائف» لمصلحة الناخبين والسلطة المدنية. ويبقى سؤال: هل إن ملوك الطوائف على استعداد لأن يتحولوا إلى زعماء سياسيين عاديين، هكذا ببساطة، في النظام السياسي اللبناني؟
المشكلة كلها هنا، وزعيم المختارة يدرك ذلك جيداً، وتحت ضغط هذه الحقيقة، وشعوره بأن دور الأقليات قد تلاشى، في الحرب التي تشهدها المنطقة، هو يقود معركة وقائية أقل ما يقال فيها إنها مغامرة كبيرة.
لكن زعيم المختارة، قبل غيره، مدعو إلى الإسهام بقوة في بناء الدولة المدنية، ويقيني في النهاية أن وليد بيك سيقوم بهذا الدور.