عودة الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض قد تمثل تحولاً جوهرياً في السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط، نظراً لاختلاف نهجه عن الإدارة الديمقراطية السابقة.
يحظى ترامب بدعم قوي من دول الخليج؛ إذ يعتمد نهجاً يركز على الاستقرار والأمن الاقتصادي كسبيل لتحقيق مصالح الولايات المتحدة، بدلاً من التورط في حروب طويلة الأمد.
تبنّى ترامب خلال رئاسته السابقة سياسات صارمة تجاه إيران، فانسحب في عام 2018 من الاتفاق النووي الإيراني (خطة العمل الشاملة المشتركة)، وأعاد فرض عقوبات اقتصادية شملت قطاعات حيوية مثل الطاقة والبنوك والصناعات.
هذه العقوبات قيدت وصول إيران إلى مواردها المالية، وإن لم تشمل تجميد أموال جديدة بشكل مباشر، لكنها سعت لإعاقة قدرة طهران على تمويل أنشطتها الإقليمية ودعم الميليشيات الإرهابية التابعة لها.
على الجانب الآخر، اتبعت إدارة الرئيس جو بايدن نهجاً مختلفاً، إذ وافقت على الإفراج عن ستة مليارات دولار من الأموال الإيرانية المجمدة، ما أثار جدلاً واسعاً حول تأثير هذا القرار على تمويل الميليشيات الإرهابية المدعومة من إيران، مثل حزب الله في لبنان وجماعة الحوثيين في اليمن.
وتحت إدارة بايدن، شهدت المنطقة تصاعداً في التوترات، حيث تعرّضت القواعد الأمريكية في العراق وسوريا لهجمات متكرّرة من ميليشيات مدعومة من إيران، مما أثار قلقاً متزايداً حول قدرة الولايات المتحدة على حماية مصالحها وحلفائها في المنطقة.
كما أن قرار الانسحاب السريع وغير المدروس من أفغانستان في عهد إدارة بايدن كان له تأثير كبير على سمعة الولايات المتحدة.
إذ أدى الانسحاب المفاجئ إلى سيطرة طالبان على البلاد بشكل غير متوقع، مما ألقى بظلاله على مصداقية واشنطن وقدرتها على حماية حلفائها وضمان استقرارهم.
وأثار هذا الانسحاب المفاجئ قلقاً عميقاً بين دول المنطقة، التي باتت تتساءل عن مدى التزام الولايات المتحدة بتقديم الدعم المستدام لمواجهة التحديات الأمنية المتزايدة، خصوصاً في ظل النفوذ الإيراني المتصاعد.
بالنسبة للكثيرين، عودة ترامب إلى البيت الأبيض ستكون بمثابة تهديد كبير للميليشيات الإرهابية المدعومة من إيران، حيث إن سياساته السابقة تسعى بشكل واضح للحد من نفوذ طهران وإضعاف أذرعها في المنطقة، مثل حزب الله والحوثيين، مما يجعل عودته خبراً مؤلماً لهذه الجماعات.
ترامب اتبع سياسة الضغط الأقصى التي تقوض قدرة هذه الميليشيات على تهديد استقرار المنطقة، وتعزز من موقف حلفاء الولايات المتحدة في الخليج.
رغم أن هناك من يختلف مع ترامب في طريقة خطابه المباشر وأسلوبه الصارم، فإنهم يعترفون بنجاحه في التعامل مع الملفات الأمنية الحساسة بفعالية.
فليس كل الخطابات الرنانة والوعود اللفظية هي التي تحقق الأمن؛ فالعمل هو سيد الموقف، وترامب رجل أفعال يفضل الحلول الحاسمة على الأقوال.
حتى من يختلف معه في أسلوبه يعلم جيداً أنه يسعى جاهداً للحد من نشاط الميليشيات الإرهابية في المنطقة، وضمان أمن الحلفاء واستقرار الشرق الأوسط.