النفس البشرية في طبيعتها تنشد المزيد وتتطلع للأفضل، ووفق ذلك فإنه حتى مع خطوات التطوير والتحسين ومساعي الإصلاح تظل عملية التفكير بصوت عالٍ واقتراح مزيد من التحسينات أمر مطلوب، لكن طبعاً دون تقليل الجهود.

أحياناً تكون هناك خطوات تصحيحية، وتكون هناك عمليات تعديل جوهرية، قد تأخذ مساحة ومكاناً بشكل متأخر نظراً لتوقيتها.

القصد بأن بعض الخطوات كان من المنطقي أن تحصل قبل سنوات وربما عقود. ولكن بعيداً عن ذلك ونفضاً لأي تفكير محبط أو تعاطٍ سلبي، واجب القول: بأنك إن تأتي متأخراً خير لك من ألا تأتي أبداً.

الإصلاحات قد تكون لها مسوغات وأسباب عدة، بعضها يكون تعاطياً مع مطالبات الناس، وبعضها يكون استجابة لضغط يمارس في إطار معادلة الحقوق والواجبات، وبعضها يكون سعياً لتنفيذ وعود أطلقت، وبعضها تكون واجبة لإثبات حقيقة السعي والنية الجادة لصنع وضع أفضل.

وبغض النظر هنا عن نوع المسوغات، تظل أفضل عملية تصحيح تلك النابعة من القناعات الراسخة بوجوب التغيير، وتلك التي تكون منطلقاتها الرغبة في خدمة البشر وتذليل الصعوبات أمامهم.

لنتكلم هنا بنفس وطني وقوده حب الوطن وتمني الخير لكل مواطن فيه بلا استثناء. إذ لو كان ديدن كل مسؤول في البلد مهما علا شأنه أو صغر هو خدمة الوطن وراحة المواطن، هل كانت المشكلات والهموم ستتعاظم وتتكاثر وتطل علينا من خلال وسائل التنفيس عن النفوس المهمومة بكثرة؟!

نتساءل لأن متابعة ما يتاح للناس للتعبير من خلاله إضافة للحديث معهم مباشرة يكشف حاجتنا الدائمة لحراك تصحيحي تطويري قوي ومكثف، لأن التطوير لا سقف وحدود له، وكذلك المطالب تتزايد وتكثر، وهنا يكون التحدي المستمر في مواكبة الأمور، والتفوق في الإنجاز.

لو وضعنا المواطن أولاً أمام أعيننا وركزنا عملنا عليه ومن أجله قطعاً سنقطع أشواطاً متقدمة في سبيل تحقيق الرضا لديه، وهذا بدوره يعزز الانتماء للأرض والولاء لها وفخر الانتساب لها.

وكلمة حق تقال في المواطن البحريني الأصيل، الذي ولد وعاش وكبر على هذا التراب، هو مواطن لا يرخص ببلده وإن كان يعاني معيشياً فيها. حبه وارتباطه بها أكبر من كل شيء، بالتالي أقصى أمانيه أن يعيش كريماً عزيزاً فيها.

وحتى يتحقق ذلك لابد من طاقات مخلصة جادة ترفع راية الإصلاح وتجاهد وتستميت لتحويل الشعارات لواقع جميل معاش.