حين قرأت خبر إلغاء رحلات الخطوط الجوية البريطانية إلى البحرين والكويت لأسباب تتعلّق بمشاكل خاصّة بالشركة خاصّة بطائراتها، ما جعلها تُلغي العديد من خطوطها إلى آسيا وأمريكا، قلت في نفسي، صعب جداً أن تبقى أي دولة تحت رحمة خطوط الطيران الأجنبية، بل خطرٌ على أمنها واقتصادها أن تكون مواصلاتها الدولية في يدٍ غير يدها، خاصّةً أن قرار الإلغاء لخطوط الطيران الأجنبية لا تتحكّم فيه البحرين.فإذا أخذنا في الاعتبار أنّ من قَبْل الخطوط البريطانية توقّفت الهولندية «KLM»، ومن قَبْلها لوفتهانزا الألمانية ويونايتد الأمريكية، وكاثي باسفيك قلّلت عدد رحلاتها ونقلت مركزها الإقليمي إلى دبي بدلاً من البحرين، نحن بهذه الحالة سنُقطع عن العالم، إن لم يكن لمملكة البحرين شركتها الوطنية الخاصة التي تملك حقّاً سيادياً في تحديد وجهاتها.أقول ذلك لأنني تذكّرت مطالبات النواب السابقة بوقف دعم طيران الخليج، أو الانتظار منها أن تُحقّق أرباحاً، فإن لم تتمكّن من ذلك فعليها أن تُغلق وتتوقّف وتكتفي البحرين بالشركات الأجنبية التي تصل للبحرين!!تخيّلوا لو تمّت تلبية تلك الرغبة؟!!حينها سنتوسّل من شركات الطيران الخليجية إما أن تعتبر البحرين محطّة ترانزيت لها أو سيُجبر البحريني إلى السفر لتلك الدول أو غيرها كترانزيت إن أراد السفر إلى الوجهات البعيدة، والأهم أن أي مستثمر سيأخذ في اعتباره صعوبة الوصول للبحرين وعدم وجود خطوط مباشرة، وسيؤثّر قرارٌ مثل هذا بشكل كبير على اقتصادها وسمعتها ومكانتها الدولية.الشركة الوطنية للطيران في أي دولة هي مسألة لا تحتمل التجاذبات السياسية، إنما ليس معنى ذلك أن تُترك بلا رقابة وبلا محاسبة، إنما يختلف الأمر حين ننظر إلى غاياتها اللوجستية كطيران وطني، فستتوجه محاسبتها مرتبطة بتلك الغايات لا باعتبارها شركة تجارية مطلوب منها أن تقلّل تكاليفها على حساب غاياتها وأهدافها، بل التمسّك بالغايات ومحاسبتها إن هي حادت عنها، حين تفتح خطوطاً مثلاً لا ترتبط بغايات الأسواق العالمية ولا تُحقّق أرباحاً في ذات الوقت، نحقق معها إن كانت هناك تجاوزات إدارية لا تخدم تلك الأهداف الاستراتيجية.نطالبها بزيادة إيراداتها والبحث عن بدائل، نطالبها بتلبية احتياجات البحرينيين إن كانت تقع ضمن الأهداف الاستراتيجية، كالتنقل بين دول الخليج بأسعار تنافسية. نطلب تقديم تقرير منها حول جدوى الارتباط أو الانفصال على بقية الخدمات في الطيران المدني، تقديم دراسة جدوى لتأسيس شركة تجارية تحت مظلّة الشركة الأُمّ لسَدّ الثغرات في العديد من الخطوط التي لا تصلح للشركة الأُمّ. القصد في النهاية لا يُمكن لأي دولة أن تستغني عن طيرانها الوطني لمجرد أنه يحتاج إلى دعم ويطالب نوابها بقفل الشركة والتخلّي عنها.. «هذي ما صارت من قبل إلا عندنا».