قبل أيام أعلنت الصين عن جمع ما يقارب 600 مليون دولار لتمويل مشروع مركز بيانات جديد يقع في ولاية جوهور بجنوب ماليزيا، وأشار الخبر إلى أن هذه الخطوة تعكس اتجاهاً أكبر في آسيا، حيث تستثمر الشركات في مراكز البيانات بسبب الطلب المتزايد على قوة الحوسبة وتخزين البيانات، نتيجة صعود الذكاء الاصطناعي الذي يتطلب كميات كبيرة من قوة المعالجة وتخزين البيانات للعمل.ووفقاً لدراسة أجرتها شركة Arthur D. Little في عام 2023 ستحتاج جنوب شرق آسيا «فقط» إلى ما يقدر بنحو 60 مليار دولار لإنشاء البنية التحتية التكنولوجية اللازمة، بما في ذلك مراكز البيانات وشبكات الألياف وأبراج الاتصالات، لتلبية احتياجات المنطقة المستقبلية.هذا الموضوع ذكرني بالخطوة العملاقة التي خطتها البحرين حين أعلن سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة، ممثل جلالة الملك للأعمال الإنسانية وشؤون الشباب رئيس مجلس أمناء مركز ناصر للتأهيل والتدريب المهني، قبل أيام عن مشروع المدينة العلمية التقنية، وعن مؤشرات الخطة الاستراتيجية للمركز الرامية إلى التحول لمدينة علمية تقنية بحلول عام 2025.مركز ناصر للتأهيل والتدريب المهني، بدأ مشواره مرتكزاً على تنمية قدرات الشباب في القطاع الصناعي، ووفر لطلبة المدارس الصناعية إمكانيات واسعة، لكنه لم يتوقف عند تدريب الحرفيين، ودخل في عدة مجالات وتطور ليدمج التكنولوجيا والحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي في مناهجه، وله مشاركات كبيرة في البحوث والتطوير للنظم الإدارية، واستطاع أن يكون عوناً للمستشفيات الحكومية في عمليات البحوث والتطوير للأنظمة الصحية وأنظمة الاستشعار والتحكم الخاصة بظروف التخزين والتنبؤ بكميات الأدوية اللازمة والمعالجة الاستباقية للأمراض المزمنة والوراثية والأورام من خلال تقنية التنبؤ التي تساهم في الكشف المبكر عن الأمراض.وها هو المركز اليوم ينتقل إلى مرحلة جديدة تفتح أمامه أبواب العالمية من خلال مشروع المدينة العلمية، وما يمكن أن توفره هذه المدينة أو المركز من قوة علمية هائلة ستخدم المنطقة أو على الأقل منطقة غرب آسيا.وكما يبدو للجميع فإن الاستثمار في التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة، هو السوق الواعد للمستقبل القريب، وهذا ما أدركه سمو الشيخ ناصر منذ فترة ليست بالبعيدة، وأسس له عبر المركز العلمي، ويتوقع أن يكون للبحرين في هذا القطاع حصة الأسد من بين دول المنطقة، فمثل هذه المشاريع لا تحتاج إلى إمكانيات مادية بقدر حاجتها للعقول البشرية والعلماء والخبراء، وهذا ما يتوفر في أبناء البحرين وتتميز به عن كثير من الدول.لقد ركز برنامج الحكومة برئاسة سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء على الشباب منذ فترة طويلة، ومازال سموه يدعم هذا النهج ويركز عليه ويذكر بقوة الشباب البحريني في كل مناسبة، وجميعنا يعلم أن كثرة الحديث عن أمر معين، تظهر ما يفكر فيه هذا الإنسان وما يشغل باله، ونحن على ثقة بأننا الشغل الشاغل لقائدنا حضرة صاحب الجلالة الملك المعظم، الذي وضع الرؤى التي تسير عليها الحكومة ويساندها سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة جنباً إلى جنب، فشكراً لهم جميعاً.