سأجمع خبرين قد يبدوان لكم لأول وهلة أن لا علاقة ببعضهما البعض.الأول هو «جواب وزير الطاقة السعودي لأحد الصحفيين الأجانب عن أكثر مكان يُمكن أن نجد الأمل فيه بأوقات الصعوبة والشعور بعدم وجوده؟» وكان الصحفي يسأل عن الأزمات الاقتصادية.والخبر الثاني هو «اجتمعت وزيرة الإسكان والتخطيط العمراني مع الأمين العام للمجلس الأعلى للمرأة بتوجيهات صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة حيث تم تخصيص شقق سكنية للفئات التالية: المرأة المطلقة أو المهجورة بحكم قضائي وليس لديها ابن، العزباء يتيمة الأبوين، المرأة البحرينية مع أبناء قصر من أب غير بحريني».أي أن البحرين انتقلت في رعايتها للفئات الخاصة كتلك وتحملت مسؤولية توفير مسكن دائم لهم، وأي مسكن؟49 شقة في مشروع ينفّذ على مساحة تزيد عن 2000 متر مربع يوفر تصميماً مطوراً للشقق السكنية والمناطق المشتركة، يوفر الراحة والخصوصية للمستفيدات، مع الاهتمام بتوفير عدد من المرافق التي تخدم قاطنات المشروع، كالمحلات التجارية، وقاعة للمناسبات الاجتماعية والثقافية، مع مراعاة احتياجات ذوي الاحتياجات الخاصة في تصميم المبنى لضمان سهولة الوصول إلى الشقق والتنقل داخل المبنى.أعود لجواب وزير الطاقة السعودي، لسؤال الصحفي الأجنبي عن أكثر مكان يمكن أن نجد فيه الأمان، حيث رد عليه «أجيبك بأمانة، أفضل زمان ومكان هو بقعة السجود لله في الثلث الأخير من الليل!».كفو ومليون كفو.. أي اعتزاز وثقة بالنفس وبالهوية الوطنية تجعل الإنسان فخوراً ومعتزاً بانتمائه الديني والعرقي دون تكبّر أو شعور بالغرور كهذا؟ غيره كان ابتعد عن هذه الإجابة لأن الحضور أكثرهم أجانب، وغيره كان سيعتقد أن إجابة كهذه تقلّل منه أو لا تتناسب مع الحضور الغربي، لكن ثقته بنفسه واعتزازه بهويته العربية وثباته على دينه جعله ينطق بتلك الإجابة وهو رافع رأسه، فحاز على الإعجاب من الجميع.وهنا السؤال ما العلاقة بينه وبين خبر توفير السكن بهذه المعايير العالية لتلك الفئات والشرائح.الخبر هو أننا كدول خليجية عربية وكشعوب نملك رصيداً من القيم ورقياً في التعامل الإنساني مما يجعلنا نفوق بمسافات من يريد أن يعلمنا كيف نراعي حقوق وكرامة الإنسان، فنأسف على الأيام التي كنا نحسب حساباً لتقييم دول غربية لمدى رعايتنا للحقوق الإنسانية أم لا؟فأسألكم، دلوني على دولة من تلك الدول التي كنا ننتظر تقييمها لنا إن كانت قد اهتمت بهذه الفئات بالمستوى الذي وصلت إليه البحرين؟ «أتمنى ترجمة خبر «مساكن» وتوزيعه على السفارات الأجنبية».وهذا يقودنا لسؤال هل رأيتم يوماً ما مشردين في شوارعنا؟ هل نام أحد في الشارع من أي من تلك الفئات أو تلك العاطلة أو الباحثة عن عمل أو العاجزة عن العمل؟بالمقابل بلغ عدد المشردين في دولة كالولايات المتحدة الأمريكية وفق مركز القانون الوطني لمكافحة التشرد 3 ملايين بينهم 350 ألف طفل، في أهم مدينتين أمريكيتين وعلى رأسهما نيويورك هناك ما يقارب 350 ألف مشرد، ينامون على الأرصفة يتسولون الطعام بلا سقف ومراكز الإيواء لا تستوعبهم، وحتى تلك المراكز هي مؤقتة وبالساعات وبالكاد توفر لهم وجبة.في بريطانيا 360 ألف مشرد 12 ألفاً منهم في لندن، في فرنسا 330 ألف مشرد.وهنا نتحدث عن افتقادهم لأبسط مقومات الحياة وهي الأكل والشرب والمسكن والملبس، في حين أننا في البحرين نتحدث عن تسهيل وسائل الترفيه ووصول الخدمات لهم دون عناء، شتان بيننا وبينهم.ألا ما أروعنا وألا ما أرقانا، فنحن نتحرك وفق قيمنا الدينية الإسلامية ووفق أعرافنا وتقاليدنا العريقة ووفق القيم العربية فلا يغمض لنا جفن وهناك امرأة لا تجد لها مأوى، لا الدولة بأنظمتها ومظلة ضمانها الاجتماعي التي نص عليها الميثاق والدستور، ولا المجتمع بمنظومته الأخلاقية يسمحان بانتهاك الكرامة الإنسانية، وحقوق تلك الفئات والشرائح كما يحدث في تلك الدول التي تدعي العظمة.الخلاصةوزير الطاقة السعودي قدم مثالاً نموذجياً للثقة بالنفس نتمنى من مسؤولينا أن يتمتعوا بها وهم يخاطبون أي جمهور غربي أو مسؤول غربي أو يقرؤون تقريراً غربياً، نتمنى أن يقدروا قيمتنا الحقيقية وغناء وثراء ما نملك من قيم ومبادئ دينية عظيمة نتج عنها تلك المكتسبات الإنسانية في مملكة البحرين، فقد آن لنا أن نمد رجلينا كما مدها وزير الطاقة السعودي.