لا أدري لمن نوجه عزاءنا، لأسرة الفقيد الدكتور يوسف محمد الإعلامي القدير، التي فقدت ابناً وأباً وزوجاً باراً رحيماً بأسرته وعائلته، أم نعزي الوسط الثقافي بكل مَن فيه من مهتمين وناشطين ثقافيين لفقدهم مثقفاً أثرى الساحة الثقافية بعطاءاته، أم نعزي الوسط الإعلامي لفقدهم إعلامياً يشار له بالبنان، أم نعزي البحرين بأسرها لخسارتها أحد أبنائها المبدعين الحريصين على خدمة هذا الوطن، فقلوب أهالي البحرين اليوم تعج بالحزن وهم يشيعون جثمان الفقيد الذي أفل نجمه في أوج توقدها، وترجل عن فرسه وهو في أوج مجده وقوته وعطائه.

هذا الحزن الذي خيم على سماء البحرين لفقد الإعلامي الراحل الدكتور يوسف محمد ما هو إلا شهادة لكفاءة أدائه وإخلاصه لوطنه وتقديراً لما أضاف للساحة الثقافية والإعلامية ولخدماته لهذا الوطن.

فالجميع يذكر جهوده في توثيق سير وإنجازات المبدعين والمعطائين من أهل البحرين، من خلال العديد من البرامج التأريخية التي توثق إنجازاتهم نذكر منها البرنامج التلفزيوني، «عزوتي وناسي»، الذي وثق فيه سير وإنجازات العديد من الشخصيات البحرينية، كما وثق سير الرواد البحرينيين من خلال فقرات ربط تلفزيونية تعرض فيه مختصر لسيرة الرواد الذين أضافوا للحضارة البحرينية، كما اهتم بتوثيق تاريخ الوطن، ويذكر فيه الأحداث والشخصيات في برنامجه من ذاكرة البحرين، والواقع أنني أراه مؤرخاً أكثر من كونه إعلامياً، أو دعونا نقول أنه وظف مهاراته في الإعلام لتوثيق تاريخ البحرين .

ومن أقواله التي استوقفت الكثيرين تغريدته المشهورة التي قال فيها: «لكل منا بصمة تميزه عن الآخرين، فبصمة الأصابع، وبصمة العين تثبت هويتنا الشخصية، وبصمة العمل والتطوع والعطاء وحب الخير تثبت أثرنا في الحياة، وبصمة أسلوبنا في الكلام والفعل الطيب يثبت حصاد تريبتنا ورقي أخلاقنا، ويعكس ما بداخلنا فاترك بصمة وأثراً جميلاً في نفوس الآخرين بالحب والطيب والاحترام».

تلك التغريدة أو المقولة إن صح التعبير هي دلالة على حرصه واجتهاده لترك الأثر الطيب، فاليوم نجد أن أهالي البحرين يستذكرون ما تركه من أثر طيب في جميع المجالات، فهاهم أبناؤه يرثون ما تركة والدهم من أثر صالح سواء إرثاً ثقافياً، محبة الناس ورضاهم عن ما كان يصنع من خير، نعم إنه لم يورث أبناءه مالاً، ولا ثروة، لكنه ورثهم محبة الناس له، ولعلنا في هذا المقام نستذكر قوله تعالى في سورة الكهف عندما حمى الخضر أموالاً لغلامين اليتيمين بأن أقام الجدار على كنزهما حتى يستخرجاه عندما يكبران، وقد برر فعله هذا بقوله تعالى: «وكان أبواهما صالحا» فبصلاح الأبوين ينزل الله نعمه على الأبناء، وصلاح الأبوين هو دافع للناس لخدمة وحماية أبنائهما.

فها هو اليوم يترك ميراثاً ثرياً للوطن وللناس ولأهله ولأبنائه.

رحم الله الإعلامي الكبير الدكتور يوسف محمد، وأسكنه فسيح جناته، وألهم أهله الصبر والسلوان، وعزاؤنا موصول لأهله وذويه ولجميع أهالي البحرين..

ودمتم سالمين.