لا يمكن لنا ونحن نحتفي بيوم المرأة البحرينية الذي حمل شعار «المرأة شريك أساسي في بناء الدولة» أن نغفل عطاءات المرأة البحرينية على مدار أكثر من نصف قرن، فالبحرينية عرفت أنها قيادية بفطرتها منذ نشأتها ولو رجعنا للزمن الجميل لوجدنا أنها كانت تلعب دوراً محورياً هاماً لا يقل عن شريكها الرجل في تلك الحقبة الزمنية فقد كانت تدير جميع شؤون البيت طيلة موسم الغوص أمام تغيب زوجها بل وفي كثير من الأحيان زوجها وأولياء أمورها من الرجال لمدة تتجاوز الثلاث شهور كما أن بعضهن كن يدخلن البحر للصيد والترزق.
ومنذ تلك السنوات إلى يومنا هذا لعبت المرأة البحرينية دوراً قيادياً وإيجابياً وفعالاً في تنمية الدولة من جميع المجالات وكانت تشكل العمود الفقري لكثير من البناءات داخل الدولة، وتعد الاستراتيجية الوطنية للنهوض بالمرأة البحرينية التي اعتمدها جلالة الملك المعظم في عام 2005 بوابة الطريق التي مكنت البحرينية من أن تكون في واجهة الدولة التنموية وتتصدر المشاهد القيادية ليس على مستوى مملكة البحرين فحسب وإنما أيضاً على المستوى العربي والعالمي فهذه الاستراتيجية التي تعكس الثقة المطلقة التي منحها جلالة الملك المعظم حفظه الله ورعاه للمرأة البحرينية تعتبر أول استراتيجية نوعية معنية بالمرأة تعتمد من رأس الدولة في الوطن العربي كما أنها سابقة تعتبر الأولى من نوعها على مستوى العالم.
وتضمنت الاستراتيجية الوطنية للنهوض بالمرأة البحرينية عند البدء بانطلاقها وتحويلها لخطة تنفيذية سبع محاور رئيسية وهي : اتخاذ القرار، التمكين الاقتصادي، الاستقرار الأسري، المجتمع المدني، التعليم، الصحة، البيئة ، وإذا ما جئنا إلى لغة الأرقام والواقع فإننا نجد أن هذه الاستراتيجية قد أوجدت بناءً تنموياً بارزاً يسجل باسم المرأة البحرينية داخل الدولة وخارجها وعلى إثره تم إدماج الخطة الوطنية لنهوض المرأة البحرينية في برنامج عمل الحكومة للأعوام 2019 إلى 2022.
فما تم تحقيقه من خلال الاستراتيجية الوطنية أن نسبة تواجد البحرينية في السلطة التشريعية بلغ 19٪ ونسبة النساء في مجلس النواب 20٪ عام 2020 كما أن نسبة مشاركة المرأة في القوى العاملة الوطنية بلغت 42.8٪ حتى عام 2021 ونسبة العاملات البحرينيات في الوظائف الدبلوماسية 33٪ والقاضيات البحرينيات 12٪.
وبعد مرور عشر سنوات على انطلاق الاستراتيجية الوطنية للمرأة عام 2005 وفيما يخص محور التمكين الاقتصادي أظهر تقرير صادر عن منظمة العمل الدولية عام 2015 أن مملكة البحرين حلت بالمرتبة الأولى دولياً في تسجيل أسرع معدل نمو لمشاركة المرأة بالنشاط الاقتصادي وهو ما يكشف مدى سرعة التنفيذ التي تم تحقيقها على قدم وساق للقفز بالمرأة البحرينية على مستويات إقليمية وعالمية وإظهار إمكانياتها وقدراتها.
كما من المشاريع الرائدة التي خرجت بها الاستراتيجية تشغيل مركز تنمية قدرات المرأة البحرينية ريادات والذي يعتبر أول مؤسسة في المنطقة تركز على الاستثمار في مجال ريادة الأعمال لتقديم مجموعة من الخدمات الداعمة لسيدات أعمال المستقبل وتدشين محفظة صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة لدعم النشاط التجاري للمرأة والتي تستهدف المشاريع الصغيرة والمتوسطة بالتعاون مع بنك البحرين للتنمية.
أما في مجال التعليم وبعد مرور 13 عاماً على اعتماد هذه الاستراتيجية لوحظ الدور الكبير الذي تلعبه المرأة البحرينية في مجال الاستثمار في القطاع التعليمي والتربوي وقد حققت مملكة البحرين المركز الأول عالمياً في مؤشرات الالتحاق بالتعليم الثانوي والعالي بحسب ما أشار له التقرير العالمي للفجوة بين الجنسين «دافوس» الصادر في عام 2018 كما استطاعت أن تحقق المرتبة الثانية إقليمياً في مؤشر المدراء وكبار المسؤولين من أصل 149 دولة حول العالم ، كل هذا يكشف أن هناك تفرداً وتميزاً وإبداعاً قامت به المرأة البحرينية في بناء صورة مشرقة لمملكة البحرين كدولة على المستوى العالمي.