الرئيس الأمريكي بايدن يستغل صلاحياته وسلطاته في أيامه الأخيرة في البيت الأبيض ويعفو عن ابنه هانتر الذي يواجه تُهَماً تدور كلُّها حول الفساد المالي في قضية احتيال ضريبي قد تصل عقوبتها إلى السجن لمدة 17 عاماً، والمُدان بتصريحات كاذبة أثناء شراء أسلحة وحيازة أسلحة نارية بشكل غير قانوني.

وجاء العفو قُبيل أسبوعين من موعد جلسة النُطق بالحكم في 16 ديسمبر بشأن تسع تُهَمٍ موجّهةٍ له في قضية الاحتيال الضريبي.

ويُمكن أن تصل العقوبة على هذه التُهَم التسع إلى السجن لمدة 17 عاماً إضافةً إلى غرامة مالية قدرها مليون دولار.

وانتقد ترامب هذا القرار وقال إنه إجهاض للعدالة وفساد قضائي وعد ترامب بإصلاحه في حال فوزه، إذ كان هذا النظام القضائي في عهد بايدن متفرّغاً تفرّغاً تامّاً لمطاردة ترامب وملاحقاته من أجل استصدار حكم يمنعه من إعادة ترشّحه فيما عُرف «بمطاردة الساحرات الفاشلة».

ما الذي نستدلُّ عليه من هذين الموقفين القضائيين، موقف العفو عن فاسد، وموقف محاولة منع مرشّح من الترشّح؟ إنه يدِلّ باختصار على أن النظام القضائي في الولايات المتحدة الأمريكية نظام قابل للتسييس، بل كما قال فريق ترامب باعتباره نظاماً يستعين بالسلطة الأمنية لإنفاذ أحكامه غير المشروعة إنه قضاء مسلّح!!

وبالمناسبة، هل تذكرون لندي إنغلاند المجنَّدة الأمريكية التي نشرت صورها في سجن أبوغريب وهي تجُرُّ أحد المعتقلين العراقيين من رقبته بحبل وبقيّة المساجين عُراة، وكانت أكبر فضيحة، وقيل لنا إنّ النظام القضائي لا يقبل بهذه الانتهاكات ووووو، قضت في السجن أقل من ربع المُدّة وتمّ إطلاق سراحها «سكّيتي»، فأين هي العدالة والإنصاف واستقلالية القضاء ووووو؟ إنه نظام منخور من الداخل وفاسد.

ويقودنا هذا الاستنتاج إلى طرح سؤال بديهي، هل بقي للولايات المتحدة الأمريكية أيُّ علوِّ كعب أو سَبْق أو أفضلية في أيٍّ من القِيَم الإنسانية التي صدّعت بها رؤوسنا ومنحت نفسها منصب القاضي والشرطي لفرضها علينا ومحاسبتنا على التقصير فيها؟

واللهِ كلّما أتذكّر مواقف الإدارات الديمقراطية الأمريكية منا في البحرين منذ عهد أوباما «لا طيّب الله ذكره» ووزيرة خارجيته هيلاري كلينتون التي حاولت أن تأمر سعود الفيصل بسحب قوات درع الجزيرة، وأتذكّر ذاك الكبر والغرور ومحاولة فرض الأوامر علينا وفرض موظفيهم كولاة أمر علينا أموتُ قهراً وغيظاً، لأننا منحناهم تلك المكانة والقيمة وهم لا يستحقونها، ظنّاً منّا أنهم فعلاً يمثّلون بنظامهم قدوةً وصرحاً ومَعْلماً إنسانياً حضارياً راقياً ومنظومتهم الحقوقية والأمنية والإعلامية منظومات مثالية يحق لها أن تكون لنا قاضياً وشرطياً.

فقبِلنا بتقاريرهم، وقبِلنا بلجان تحقيق يرأسونها، وقبِلنا بالكثير لإثبات حُسن نوايانا وحُسن سِيَرنا وسلوكنا.

الآن حين نرى الانكشاف التامّ لنقيض ما كانوا يدّعونه وحجم الفساد الذي ينخر مؤسساتهم المالية والعسكرية والقضائية والأمنية والإعلامية نحرص أشدّ الحرص على تبيانها لأنفسنا وتذكير وتنبيه أنفسنا بأننا -وإن كنّا لسنا بالمدينة الفاضلة- إلا أنه يحق لنا أن نمُدَّ رجلينا و«نتمغمط» بل ونتثاءب إن سمعنا أيّاً منهم يتلو علينا تقاريره التقييمية.