* أحياناً تتصادم في أذهاننا بعض المفاهيم التي يجب أن نصحّح مساراتها في مسيرة حياتنا، لأنها تؤسس لفكر صائب في اتخاذ القرارات، وتمنحنا سلاماً نفسياً وطمأنينة، وتسهم في تصحيح مسار بوصلة الحياة وأهدافنا وغاياتنا ورؤيتنا. المفهوم الذي يجب أن يبرز هو ذلك المتعلق بمنهجية "مشروعات الحياة" التي ينبغي للمرء أن يتبناها في طريقه نحو غايات الآخرة، والفردوس الأعلى تحديداً، وهو المكان الأجمل الذي يتمناه المسلم عندما يلقى الله عز وجل وتكتمل رحلته التي بدأها منذ ولادته في الدنيا. عندما نتحدث عن المشروعات، فإننا نتحدث عن تلك المساحات الجميلة التي يترك المسلم أثرها في كل من يتعايش معه، وتلك التي يجب أن يشغل بها نفسه قبل أن تشغله الدنيا بسفاسفها الدنيئة، وبمشاغلها التي لا تنتهي. جميل أن تتبنى بعض المشروعات التي لا ترضى أن تترك خطواتها أبداً ما حييت، لتكون بلسم حياتك ومنظومة حياتك الشاملة، المكسوة بما أعده الله تعالى لعباده المتقين.
* من الضروري أن تتبنى مشروعك (الأسري) الذي تنهض من خلاله بأفراد أسرتك وتجعلهم معك يتبنون منهجية (السعي نحو الآخرة)، ومشروعك العبادي الذي تجعل فيه صلواتك وتلاوة وردك من القرآن أصلاً للارتقاء الروحاني والتوفيق الحياتي. كذلك مشروعك في التعليم، بما وهبك الله من موهبة فطرية أو تخصصية، لتجعل منه زكاة علمك عبر تعليم الآخرين وتدريس العلم النافع. مشروعك الإنساني، الذي تسعى من خلاله إلى قضاء حوائج الآخرين، وخدمة أهل الخير والوطن، والمشاركة في البرامج التي تغرس قيم الخير في نفوس المحرومين من جمال الحياة. عندما تحافظ على شيء وتداوم عليه، فإنك محاط بتوفيق الله الكريم. اسأله دائماً أن يعينك ويبارك لك في مسعاك، وأن تحل البركة في حياتك وفي كل خطوة تخطوها، وأن يجعل أعمالك خالصة لوجهه الكريم.
* أجدادنا وآباؤنا، رحمهم الله تعالى وجمعنا بهم في مستقر الجنان، كانوا دائماً يدعون بدعوات طيبة، وهذا هو ديدن زمان الطيبين. ومن أجمل دعواتهم عندما تطلب منهم الدعاء: "الله يحطك محط مبارك ويوفقك". ما أروع هذا الدعاء الذي يجدر بنا أن ندعو به لبعضنا البعض! فما أجمل أن يختار الله لك أجمل الأماكن وأجمل المواقف التي تحيط بها البركة، فتنتفع بها في دنياك وآخرتك. قال تعالى: "وجعلني مُباركاً أينما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حياً".
* أسعد شيء أن تكون أداة تبني ولا تهدم، تعزز الإيجابية والإنجاز ولا تنشر السلبية. أن تكون ذلك الشخص السعيد الذي يُسعد من حوله، ويحرص على أن يكون لبنة خير في حياة كل من يلقاه. السعيد المطمئن الذي يتمتع بصحة نفسية خالية من وخزات الألم والضياع والهدم، هو الشخص الذي تحب أن تتعايش وتعمل معه، وتصاحبه من أجل أن تنجز ويُكتب أثرك في حياتك وبعد مماتك. إن أردت أن ترتدي هذا الثوب، وتختار الأسلوب الأمثل لتعاملك الحياتي، فعليك أن تتغير الآن، قبل أن تنقاد مع طوفان المنعطفات السلبية الجارفة التي قد تودي بكل تطلعاتك نحو منحدر الهاوية المميت. انشر السعادة، وتكلم بها، وانثر ورودها، وأرسل رسائلك لمن تحب، وكن طاقة إيجابية في المكان، وجدد بهداياك الجميلة علاقتك بمن تصاحبهم في الحياة.
* سبحانك يا رب، في بعض الأحيان يعتقد البعض أنك قد أخطأت في بعض قراراتك واختياراتك، وربما تتحسر على ضياع فرصة تحبها. لكنهم لا يعلمون أنك اتخذت قرارك براحة قلبية أسبغها الله تعالى عليك، وسرت في طريقك بالتوكل على الله، وبالأخذ بالأسباب، والاستعانة بالمولى الكريم، واليقين باختيار الله تعالى لك. فهو المطلع على نيتك وعلى دعواتك. هذا هو المسلك الأصوب في محطتك الحياتية العابرة، فإنما الخيرة فيما يختاره الله تعالى لك. اسأله أن يجعل مسعاك مقبولاً، وأن يرضى عنك ويُرضيك.
* هناك أمور في حياتنا نختار طريقها ونحن لا نعلم نتائجها الغيبية، لكننا نؤمن أنها مسلك وفقنا الله إليه واصطفانا من بين خلقه للقيام بهذه المهمة، لنمضي في طريقها حتى الرمق الأخير. من هنا تتجلى أمامنا معاني "التخلي"عن بعض المعتقدات، وبعض المفاهيم المغلوطة، وبعض التقاليد التي اعتدنا عليها في أيام حياتنا. التخلي الذي يقوي شخصيتك، ويعزز عزمك، ويجعلك في مقدمة أصحاب العطاء والأثر الإيجابي.
ومضة أمل
شكراً من الأعماق لأولئك الذين مدوا أيديهم لمن يحبون، وذكروهم بدعوة صادقة، واحتضنوا مشاعرهم وأحاسيسهم، وأخبروهم بحبهم، وكانوا سندهم في هذه الحياة. أولئك الذين تستشعر حلاوة صدق محبتهم.