تلعب الخطط الإعلامية الاستراتيجية دوراً جوهرياً في إيصال الرسالة المبتغاة إلى أفراد المجتمع، عبر تنفيذ سلسلة من البرامج الإعلامية المتوزعة التي يسهل فيها إيصال المعلومة إلى نوعية الجمهور المستهدف، ويتم ذلك من خلال استطلاع الواقع الميداني ومعرفة حاجة أفراد المجتمع وتطلعاته.

إن التحديات التي تعتلي تنفيذ الخطط والبرامج الإعلامية الإستراتيجية للمؤسسات أو المشاريع الوطنية، هي التي تأتي من بوابات التقدم التقني الذي شهده عالم اليوم. فتعدد المعلومات من مواقع كثيرة، وأيضاً تنوع الآراء المسافرة دون معرفة هويتها، إلى جانب استغلال عدم اطلاع أو فهم بعض أفراد المجتمع للمعلومة أو تشويشها، هي واحدة من المسببات التي تؤكد على ضرورة المضي قدماً إلى وضع الإستراتيجيات الإعلامية الرصينة للمؤسسات والمشاريع الوطنية.

وتتطلع دولنا في منطقة الخليج العربي إلى تعزيز التواصل الفعال عبر مختلف الأدوات والبرامج من أجل تغذية أفراد المجتمع بالمعلومة الصحيحة والمفيدة، وتوضيح اللبس الذي قد ينتج من الأحاديث المهاجرة عبر فضاء التقنيات الحديثة، وهنا يبرز الدور الذي تقوم به وسائل الإعلام المتعددة والتي تعمل في سياق الاستراتيجية الإعلامية الوطنية.

ولعل ما حدث في سلطنة عمان مع إنشاء صندوق الحماية الاجتماعية، والاستراتيجية الإعلامية التي تم التخطيط لها وتنفيذها بمهنية عالية، أعطانا صورة أوضح وأشمل في وضع وتنفيذ الخطط الإعلامية الاستراتيجية في المشاريع الوطنية الفريدة من نوعها والتي تمس حياة الإنسان.

وهنا أشير إلى مقال الإعلامي العماني محمود بن سعيد العوفي والذي كتبه في صحيفة الوطن العمانية يقول فيه "ساهمت الحملة الإعلامية المصاحبة فور صدور منظومة الحماية الاجتماعية في إتاحة المعلومات العامة عن المنظومة من خلال مقاطع الفيديو التعريفية واللقاءات الإعلامية لأعضاء فريق إعداد مشروع المنظومة وتدشين الموقع الإلكتروني الرسمي والحسابات الرسمية عبر منصات التواصل الاجتماعي، موضحاً إلى أن ذلك يمثل تطوراً إيجابياً نحو تعزيز الشفافية وتمكين المواطنين من فهم حقوقهم وواجباتهم تجاه النظام الاجتماعي".

إن تأسيس الخطط والبرامج الإعلامية الاستراتيجية تتطلب المعرفة بواقع الرسالة المراد إيصالها إلى المجتمع، وأيضاً استكشاف الواقع الميداني ومرئياته وتوقعاته حول الموضوع، ووضع المسارات التي يمكن أن يمضي إليها وبرامج التعامل معها، إلى جانب اختيار طرق إيصال الرسالة وكيفية صناعة المحتوى، ودراسة التغذية الراجعة والتأكد من سلامة وصول المعلومة إلى المتلقي.

لقد أكد المنتدى الإقليمي للضمان الاجتماعي لآسيا والمحيط الهادي والذي عقد مؤخراً في المملكة العربية السعودية الشقيقة في عاصمتها الجميلة الرياض، على تميز التهيئة الإعلامية التي حظي به قانون الحماية الاجتماعية بسلطنة عمان، بمنحها شهادة استحقاق وإشادة، حيث ساهم المشروع في تعزيز وعي أفراد المجتمع بالتغييرات التي أجريت على أنظمة وبرامج التقاعد والضمان الاجتماعي وفهم تأثيرها الإيجابي على الحماية الاجتماعية الشاملة.

هذا التقدير الإقليمي والدولي العالي يرسخ مبدأ أهمية وضع الخطط وبرامج التهيئة الإعلامية المناسبة للمشاريع الوطنية في دول مجلس التعاون، وذلك من منطلق إتاحة المعلومة في الوقت والسرعة والكفاءة المناسبة، وإيجاد قنوات متعددة للتواصل مع المستفيد أو المعني للمعلومة لضمان إيصال الرسالة المرجوة في ظل تنافس بعض وسائل التواصل الرقمي على مسألة سرعة إيصال المعلومة دون الاهتمام بالتحقق من سلامتها وتأثيراتها.

* إعلامي عماني