من الواضح أن خطاب خامنئي الأخير بعيد عن إدراك حجم الخسائر التي مني بها الاستثمار الإيراني في مشروعه التوسعي المسمى "تصدير الثورة" أو "نصرة المستضعفين"، متخذاً الدستور الإيراني الذي وضعه الخميني مرجعاً له، وها هو المشروع الذي بني خلال أربعين عاماً وحرم الشعب الإيراني من رفاهيته يتهاوى خلال أيام وينهار وتضيع كل استثمارات إيران في الشرق الأوسط.
فإضافة إلى خسارة إيران في لبنان التي استثمرها في حزب الله، وتقدرها بعض المصادر بـ20 مليار دولار والتي تهاوت بعد مقتل قياداته في لبنان وتحطيم ترسانته، حتى خسرت إيران تماماً استثماراتها في سوريا، التي دفعتها من أجل الحفاظ على نظام الأسد وقدرتها بعض المصادر بـ 30 مليار دولار نجحت فيها إيران بالسيطرة على مناطق عديدة في الأراضي السورية بموافقة النظام، حيث استثمر قاسم سليماني قائد الحرس الثوري الإيراني الكثير في تعزيز المواقع الإيرانية، وتشيد العديد من المصانع والمخازن والقواعد العسكرية فيها، وجعلها طريقاً لإيصال الدعم للمليشيات الحزبية الإيرانية في لبنان، وإذ بها تتبخر في عشرة أيام لتضاف هذه الخسائر إلى خسارتها في الاستثمار في غزة كذلك بعد انهيار حماس.
ثلاث عواصم عربية كلفت إيران عشرات المليارات لم يعرف بعد كم بلغت طوال السنوات السابقة استثمرتها في مشروعها التوسعي انهارت كلها تماماً، وضاعت الجهود وضاعت الأموال وضاعت السنوات وضاعت أرواح من الشعب الإيراني الذين ماتوا في أراضٍ غير أرضهم وفي حروب لا ناقة للشعب الإيراني فيها من قريب أو بعيد، إنما تلبية لأحلام النظام.
ولا ننسى استثماراتهم في تشكيلات خليجية في البحرين والسعودية والكويت صرفت فيها الملايين على تسليحهم وتدريبهم ودفع مصاريفهم حتى بعد أن هربوا وفروا بعد اكتشاف أمرهم، وكلها باءت بالفشل وتم القضاء عليها، والكل يعلم أن استثماراتها في العراق واليمن تترنح وتتحسس لحاها، فالفصائل الإيرانية أمرت بتسليم سلاحها للجيش العراقي إذ لا سلاح غير سلاح الدولة.
وبدلاً من أن التعامل مع واقع فرض نفسه، وإذ بخطاب المرشد الأعلى مهدداً الشعب الإيراني بأن من يتكلم عن خسائر أو يروج لها فإنه خائن، خطاب لا يدرك حجم أثر الزلزال الذي حدث في الداخل الإيراني نتيجة خسائر الاستثمار التي يتبادل فيها القادة الإيرانيون إلقاء اللوم، وتبادل فيها قادة الجيش الاتهامات مع الحرس الثوري الإيراني رغم أن ذلك لم يعد مجدياً الآن، إذ إن هذا ما يفعله الخاسرون دوماً.
فوفقاً لموقع "التلغراف":
"انقسامات حادة داخل القوات المسلحة الإيرانية عقب سقوط بشار الأسد في تقرير حصري نُشر مؤخراً على موقع "التلغراف"، تم الكشف عن توترات داخلية شديدة بين أفراد القوات المسلحة الإيرانية إثر سقوط نظام بشار الأسد في سوريا. يسلط المقال الضوء على الاتهامات المتبادلة بين قادة حرس النظام الإيراني "IRGC" حول أسباب فشل الدفاع عن الأسد وتراجع النفوذ الإيراني في المنطقة. ووفقاً للتقارير الواردة من طهران، تتكشف لعبة اللوم بين قادة القوات المسلحة عقب سقوط النظام، مما أدى إلى تآكل النفوذ الإيراني في المنطقة. "لم يكن أحد يتصور أن يرى الأسد يفر، بعد أن كان التركيز طوال العشر سنوات الماضية على الحفاظ عليه في السلطة”. وأفاد المقال أن إيران قد أنفقت مليارات الدولارات لدعم نظام الأسد بعد تدخلها في الحرب الأهلية السورية في منتصف عقد 2010"، "انتهى".
فهل يستطيع التيار الإصلاحي أن ينقذ إيران خاصة وهي مقبلة على أزمة شديدة يحذر منها بزكشيان قد لا يتحملها الشعب إن تعرضت لمزيد من العقوبات في عهد ترامب الرئيس القادم؟