في مساء هذا اليوم، تتجه أنظار جماهير كرة القدم الخليجية نحو لحظة حاسمة في نهائي كأس الخليج العربي “خليجي 26”، حيث يلتقي منتخبا البحرين وعُمان في مواجهة تتخطى حدود التسعين دقيقة على المستطيل الأخضر. وعلى الرغم من أن الحدث يبدو للوهلة الأولى مجرد مباراة كروية، فإن خلف الكواليس حكاية أعمق تتعلق بكيفية توظيف التقنية في صناعة تجربة رياضية حديثة تمزج بين أصالة اللعبة ومتطلبات العصر الرقمي.
لم يعد تحضير المنتخبات مقتصراً على التمارين البدنية والخطط التكتيكية التقليدية، بل أصبح الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الضخمة عاملاً جوهرياً يساعد المدربين على اتخاذ قرارات دقيقة. فكل تمريرة أو تسديدة أو تحرّك للاعب يتم توثيقه ضمن منصات تحليل متقدمة، تتيح للطاقم الفني التعرف على نقاط القوة والضعف سواء في فريقهم أو في فريق الخصم. بهذا الأسلوب الحديث، تحظى المنتخبات بقدرة فائقة على تحديد الاستراتيجيات اللازمة قبل اللقاء الحاسم، وإجراء تعديلات آنية أثناء المباراة وفق ما تمليه المعطيات المتوافرة في الوقت الفعلي.
وبينما تشير الأرقام والإحصاءات إلى تقارب كبير في مستوى المنتخبين البحريني والعُماني، قد تكمن الفوارق الحقيقية في التفاصيل البسيطة واستثمار الفرص المتاحة. تُظهر بعض توقعات الذكاء الاصطناعي، المبنية على نتائج المباريات السابقة وتحليلات الأداء الجماعي والفردي، وجود شبه تكافؤ في فرص الفوز، إذ يمكن لأي خطأ صغير أو لحظة تركيز مميزة أن تكون نقطة التحول.
هذا يعني أن من يجيد توظيف التقنيات الحديثة في قراءة الأداء وتحليل المعطيات واستثمارها بسرعة سيكون له الكلمة العليا في نهاية المطاف. وما يجعل الأمور أكثر إثارة هو هذا المزيج الفريد من اللعب التقليدي وروح المنافسة الأصيلة، المدعوم برؤية رقمية تفتح آفاقًا جديدة أمام عشّاق الساحرة المستديرة، فتمنح المدربين القدرة على رؤية ما يحدث في الملعب من عدة زوايا ومعالجته إحصائياً بلمح البصر. هذه الرؤية العميقة قد تقود إلى تغييرات سريعة في خطة اللعب أو تبديلات محددة في التوقيت المناسب، فتتحول المباراة إلى صراع تكتيكي مشحون بالإثارة حتى صافرة النهاية.
ختاماً، نتمنى أن نشهد مباراة تليق بالمستوى الرفيع لكرة القدم الخليجية، وأن ينجح من خلالها كلا المنتخبين في تقديم أداء يحفر اسمه في ذاكرة الجماهير. وفي حين يصعب التنبؤ بالنتيجة النهائية، تبقى أمنياتنا صادقة للفريقين بأن يقدما مباراة مشرفة وروحاً رياضية عالية، وأن تظل التقنية عاملاً داعماً يعزز متعة المشاهدة ورونق المنافسة. وفي النهاية، سيظل الفوز الأكبر خليجياً، يجمعه الحب والأخوة بين جميع دول المنطقة، ويؤكد أن المنافسات الرياضية قادرة على مد جسور المحبة والتلاقي بين أبناء الخليج.
نبضُنا بحرينيٌّ، والسَّاحةُ تُنادينا
في موكبِ الفَوزِ أمْجادٌ تُرافقُنا وتَحفينا
عثمان عادل العباسي
* خبير تقني