في خطوة طال انتظارها، هدنة لوقف النار في قطاع غزة بين حركة حماس وإسرائيل، بعد 15 شهراً من الحرب على قطاع غزة وتصاعد العنف في المنطقة، حيث تتضمّن بنود الاتفاقية، وقف إطلاق النار بين الطرفين، وتبادل الأسرى، وانسحاب القوات الإسرائيلية من قطاع غزة.
شعوب العالم في فرح عارم بعد انتشار هذه الأخبار المُفرحة وخاصة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، فرحة كبيرة بقدر الحزن الكبير الذي خيّم على العالم منذ تكثيف الحرب على غزة في السابع من أكتوبر، حرب لم يشهد العالم قساوة أكثر منها من قتل للأطفال والنساء والشباب وكبار السّن وتدمير البيوت والمستشفيات وكل معالم الحياة وتهجيرهم وتجويعهم وممارسة أرذل العقوبات على أهالي غزة، فبعد هذا الدمار الشنيع للإنسانية بالتأكيد وقف الحرب هو نسمة باردة تأتيهم ليستعد أهالي فلسطين حياة جديدة رغم الفقد والدمار والحزن.
هذه الهدنة خطوة مهمّة نحو تحقيق السلام، ولكن تتطلّب من إسرائيل الالتزام بذلك، فالبعض في توجّس من صدق النوايا في وقف إطلاق النار، والإفراج عن الأسرى ودخول المساعدات الإنسانية لغزة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، فلابد من مراقبة دولية حقيقية لضمان الالتزام بالهدنة وتسوية سياسية جادة وأن تكون هناك عقوبات إذا انتهكت إسرائيل بنود الاتفاق، فلابد أن تمارس الدول والمنظمات الدولية ضغطاً دبلوماسياً "صادقاً" لضمان الالتزام بهذه المواثيق، لابد أن تتضافر الجهود لإنجاح هذه الهدنة وعدم التهاون في انتهاك الاتفاقية لضمان الحرية والسلام لأهالي غزة، والبدء في إعمار قطاع غزة لتدبّ بها الحياة من جديد.
تقاعُس الدول الكبرى في الضغط على إسرائيل لوقف النار على أهالي غزة منذ البداية أدى إلى دمار شامل، أدى إلى انتهاكات غير إنسانية وسلب للحقوق، وهذه وصمة عار للمنظمات الدولية التي كانت تكيل بمكيالين وتتفرّج على القتل والتجويع والتهجير ولم تلتزم ببنود رسمتها من أجل حفظ الحقوق الإنسانية، تلاشت مع انتهاكات صارخة أدت إلى سلب الفلسطينيين لأراضيها وساعدت على التهجير القسري من أجل إرضاء طرف على أصحاب الحقوق.
نحن في توجُّس، نعم فتلك التدابير والهدنة والشعارات الرنانة تسبق مصائب لا نعلم بها، ولكننا نثق بالتاريخ الطويل الذي مر على الأمم وندرك بأن الذئب لا يهرول عبثاً.