سجلت مملكة البحرين نجاحاً كبيراً من خلال احتضان واستضافة المؤتمر العالمي للحوار الإسلامي- الإسلامي «أمةٌ واحدةٌ ومصير مشترك»، برعاية كريمة من حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه، وبحضور فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف رئيس مجلس حكماء المسلمين، ومشاركة أكثر من 400 شخصية من كبار العلماء والقيادات والمرجعيات الإسلامية والمفكرين والمثقفين والمهتمين من مختلف المؤسسات الإسلامية حول العالم.
وقد اشترك في تنظيم المؤتمر العالمي، الأزهر الشريف، والمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في البحرين، ومجلس حكماء المسلمين، حيث جاء استجابة من مملكة البحرين للمبادرة التاريخية المهمة التي أطلقها فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف رئيس مجلس حكماء المسلمين في توصيات ملتقى البحرين للحوار الذي انعقد في مملكة البحرين في نوفمبر عام 2022، حينما طالب فضيلته بأهمية عقد حوار إسلامي - إسلامي من أجل الأخوة الدينية والإنسانية، تُنبذُ فيه أسباب الفرقة والفتنة، والنزاع الطائفي على وجه الخصوص، وينص فيه على وقف خطابات الكراهية المتبادلة، وأساليب الاستفزاز والتكفير، وضرورة تجاوز الصراعات التاريخية والمعاصرة بكل إشكالاتها ورواسبها السيئة».
ولقد أتى البيان الختامي للمؤتمر بمجموعة من التوصيات والمبادرات المهمة التي يجب ان نتوقف عندها، لعل أهمها، التشديد على أن «وحدة الأمة عهد وميثاق»، وأن «التفاهم والتعاون على تحقيق مقتضيات الأخوة الإسلامية واجب متعين على المسلمين جميعاً»، ولعل التوصية الجديرة بالاهتمام والتنفيذ على أرض الواقع هي أن «الحوار الإسلامي المطلوب اليوم، والذي تحتاجه الأمة ليس حواراً عقائدياً ولا تقريبياً، بل هو حوار تفاهم بَنَّاء، يستوعب عناصر الوحدة الكثيرة، في مواجهة التحديات المشتركة، مع الالتزام بآداب الحوار وأخلاقه».
ومن الجدير بالأهمية توصية المؤتمر بإنشاء «رابطة الحوار الإسلامي» من قبل مجلس حكماء المسلمين للعمل فتح قنواتِ اتصالٍ لكل مكونات الأمة الإسلامية دون إقصاءٍ، استمداداً من الاصطلاح النبوي الشريف الذي يجعل أمة الإسلام أمة واحدة.
وكذلك جاء إطلاق المؤتمر لنداء بعنوان «نداء أهل القبلة»، حيث دعا إلى صياغة خطاب دعوي من وحي هذا النداء تستنير به المدارس الإسلامية تحت شعار «أمة واحدة ومصير مشترك».
بالإضافة إلى ذلك حث المؤتمر على التعاون بين المرجعيات الدينية والعلمية والفكرية والإعلامية لمواجهة ثقافة الحقد والكراهية، مؤكداً على تجريم الإساءة واللعن بكل حزم من كل الطوائف. كما دعا إلى التزام الحكمة والجرأة في النقد الذاتي لبعض المقولات، وإعلان الأخطاء فيها.
وتطرق البيان الختامي إلى «ضرورة توحيد الجهود نحو قضايا الأمة الملحّة كدعم القضية الفلسطينية، ومقاومة الاحتلال، ومواجهة الفقر والتطرف؛ ومن ثم إذابة الخلافات تحت مظلة «الأخوّة الإسلامية».
ومن الأمور المهمة التي تطرق لها البيان الختامي للمؤتمر، الدعوة لإنجاز مشروع علمي شامل، يُحصي كافَّة قضايا الاتفاق بين المسلمين في العقيدة والشريعة والقِيَم، مؤكداً أن هذا المشروع سيكون له الأثر الكبير في معرفة الأمة بنفسها، وإصلاح تصوُّر بعضها عن بعض، وتنمية ثقافتها الإسلامية المشتركة، وتعزيز دعوتها الإنسانية.
ومن اللافت، التشديد على أهمية إنشاء لجان متخصصة تحت مظلة المؤسسات الدينية الكبرى؛ لرعاية الحوار بين الشباب المسلم من كافة المذاهب الإسلامية، وتنظيم مبادرات وبرامج شبابية للحوار، بما في ذلك الشباب المسلم في الغرب لربطه بتراثه الإسلامي، وإطلاق مبادرات علمية ومؤسسية للحوار بين المسلمين من كافة المذاهب، لإزالة الصور النمطية المتبادلة، ونزع أسباب التوتر بينهم، باعتبار ذلك الطريق الأمثل لتحسين صورة المسلمين، ومواجهة ظاهرة الإسلاموفوبيا.
ولقد حرص المؤتمر على تقديم خالص الشكر والعرفان والتقدير لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين المعظم حفظه الله ورعاه، على رعايته السامية للمؤتمر، وعلى استضافة مملكة البحرين له، فيما أعلنت الأمانة العامة لمجلس حكماء المسلمين أنها ستتابع خطوات تشكيل لجنة مشتركة للحوار الإسلامي، والخطوات العملية اللازمة لتنفيذ مقررات المؤتمر، وبدء التحضيرات بالتنسيق مع الأزهر الشريف، لتنظيم المؤتمر الثاني للحوار الإسلامي الإسلامي بالقاهرة.
سوف تظل مملكة البحرين منارة الأمتين العربية والإسلامية في نشر سبل الخير والسلام وقيم التسامح والتعايش والحوار البنّاء، من أجل مستقبل مشرق للحاضر والمستقبل.