موقع سياحي له مستقبل واعد جداً على خارطة السياحة العالمية، خططت المملكة العربية السعودية لاستثماره بجدارة ووعي بأهمية مقوماته السياحية، ووضعت له أهدافاً وبرامج ومؤشرات قياس، وجمعت له عقولاً سعودية شابة تعاقدت معهم بنظام العقود فليسوا موظفين ثابتين «وهذه مهمة لعملية التحفيز» وأعطتهم مهلة، وميزانية، وتنتظر أن تجني منهم النتائج، على أن ينتهوا من مهامهم بما يغطي جميع الكلف الموضوعة للمشروع حالياً، ومن ثم يتحول الموقع إلى مورد من موارد الدولة الرئيسة ضمن قطاع السياحة، وهو ما يحدث الآن فعلاً بدليل الأرقام والإحصائيات، ففي عام 2023 ارتفع عدد السياح 43.1% العام الذي قبله، وعام 2024 ارتفع 59% وتهدف المملكة لرفع عدد سياح 2030 إلى مليون فالحكومة السعودية لديها استراتيجية واضحة لتطوير العُلا وتحويلها إلى وجهة عالمية رائدة للفنون والتراث والثقافة والطبيعة.
ومن المتوقع أن توفر العُلا 38 ألف فرصة عمل جديدة، وتسهم بحوالي 32 مليار دولار في الناتج المحلّي الإجمالي للمملكة بحلول 2035.
فالمملكة حرصت على أن يستفيد أهل العلا من جميع تلك البرامج لأنهم سيكونون جزءاً منها، فيعود من هاجر منها إليها وتنميتها كمدينة وزيادة عدد سكانها، وحرصت على عدم الإضرار ببيئتها الطبيعية وأن أية مشاريع ستبنى على ما هو موجود سواء من صنع الخالق كتضاريسها الطبيعية -ولتلك حكاية أخرى تسبح باسم الخالق وإبداعه- أو ما تركه البشر من آثار صنعوا بها حضارات مرت من هناك تصل إلى ما قبل سبعة آلاف سنة، بالحفاظ عليها وإبرازها وتقديمها للعالم بحلة صديقة للبيئة.
النتيجة رائعة إلى حد الآن، فالشباب السعودي كان على قدر المسؤولية وذلك أكثر ما لفت انتباهي وأبهرني، أن صغار الشباب في مواقعهم المختلفة وبرتبهم الوظيفية المختلفة من المطار إلى المنتجعات إلى المواقع السياحية إلى من يعملون بالدعم اللوجستي كانوا يعون مسؤوليتهم الشخصية في تسويق السعودية الجديدة.
الخبرات التي تم الاستعانة بها حولت من كل حجر مورداً للرزق ومن كل هبة طبيعية أخرى كالمناخ مورداً آخر لم تترك صغيرة ولا كبيرة إلا وحولتها إلى نقطة جذب سياحي، آثارها وتراثها وطبيعتها وناسها كلهم عبارة عن مشاريع استثمارية سياحية تم تأهيلها وإعدادها لاستقبال الزوار سواء كانوا بشراً أو مواقع جميعهم تم توظيفهم لخدمة المشروع.
أملي في البحرين:
هل لدينا مقومات جذب سياحية في البحرين تستلهم من تجربة العلا؟
بالتأكيد نعم وبلا جدال، لدينا الكثير الكثير لدينا الآثار التاريخية ولدينا الذاكرة المكانية الحية الأصيلة ولدينا تراث غني جداً جداً ولدينا الشباب ولدينا الشغف، لا تتعذروا بالإمكانيات المادية، وقد كانت «ليالي المحرق» بإمكانياتها المحدودة خير مثال على مدى قدرة مقوماتنا السياحية على الاستقطاب السياحي، فما شهدناه كمثال ناجح مصغر بسيط يحتاج إلى أن نضعه في مقدمة مشاريعنا السياحية لتحويل مدننا التاريخية والمواقع الأثرية البحرينية إلى نقطة جذب سياحي، نحتاج فقط أن نثق بقدرة تلك المقومات الموجودة عندنا ونضع لها رؤية مستقبلية تشمل توفير الموازنات بالشراكة مع القطاع الخاص كمستثمرين تحت إشراف من يحافظ على قيمة الموجود ولا يفرط فيه وسترون النتائج.
مبروك للسعودية امتلاكهم كنزاً «كالعلا» وهنيئاً لهم نتائج جهدهم خاصة أنهم يطبقون كل ما يعدون به.