نجوى عبداللطيف جناحي

يُعتبر مسار اللؤلؤ توثيقاً تاريخياً لمنطقة مهمة من مناطق المحرق، حيث يضمّ عدداً من المتاحف و«البرايح» والمحلات التجارية القديمة والآثار، والواقع أن الجهود التي بُذلت في إبراز الجانب التاريخي جهود جبارة، وبطبيعة الحال فإنه مازال هناك المزيد من المواقع الأثرية والمباني التاريخية التي تحتاج لاتخاذ الإجراءات والتدابير لتحويلها لمعالم أثرية في هذه المناطقة.

ومن هذه المعالم مدرسة حسين بن سلمان بن مطر الوقفية، وهي إحدى المدارس الأهلية في البحرين، فقد كان التعليم في البحرين شأنه شأن باقي الدول الإسلامي يعتمد على المدارس الأهلية، وهي مدارس تعتمد على جهود المتطوعين من المعلمين، وعلى تبرعات الأهالي المحسنين من التجار والمقتدرين، إما على شكل وقف المباني لتكون مقرّاً لهذه المدارس أو عن طريق تقديم التبرعات العينية والنقدية لدعم تشغيل هذه المدارس. وقد احتضنت البحرين العديد من المدارس الأهلية في مرحلة ما قبل التعليم النظامي.

وهناك في أزقة المحرق القديمة، وعلى مسار للؤلؤ، وتحديداً في حي «فريج» بن خاطر الذي يقع في الجهة الشمالية الغربية بالمحرق، في منطقة سوق المحرق القديم على الجهة الشمالية من شارع الشيخ حمد، وعلى الجهة الجنوبية من شارع الشيخ عبدالله في هذا الحي تقع مدرسة قديمة تأسست عام 1911م، وهي عبارة عن مدرسة أهلية لعلوم الدين، أسسها التاجر حسين بن سلمان بن مطر، وهو مبنى قديم، يتكون من غرفة طويلة تقع نوافذها جهة الجنوب، أما باقي المدرسة فهو ساحة متروكة للعب. وفي السنوات الأخيرة استُقطع جزءٌ من هذه الساحة لعمل محلين تجارين للإيجار.

وقد كانت مخصصة لتحفيظ القرآن الكريم، وتدريس علومه وعلوم الدين، حيث يحفظ فيها الأطفال مساءً القرآن الكريم، كما كان يجتمع مساء كل يوم اثنين ليلة الثلاثاء مشايخ وعلماء الدين بالبحرين للتباحث في القضايا الفقهية، والوصول لفتاوى إن لزم الأمر. وقد كان لهذه المدرسة نشاط واضح حتى منتصف السبعينات.

ومن بين العلماء الذين درسوا فيها الشيخ عبدالله بن عجلان وهو أحد علماء الدين في البحرين خطيب وإمام مسجد الشيخ عيسى بن علي آل خليفة، وهو أحد تلامذة الشيخ عبدالله بن خلف بن دحيان الكبيسي أحد علماء البحرين في بدايات القرن التاسع عشر، والكبيسي زوج أخت الشيخ عبدالله عجلان «آمنة» وكان يعتني بتعليمه وتنشئته.

إلا أنك إن مررت اليوم بمبنى هذه المدرسة التي كانت يوماً ما صرح من صروح التعليم، تجد أنها قد تحوّلت إلى سكن جماعي للعمال الآسيويين، وكم نتمنى من المعنيين النظر في شأن مبنى هذه المدرسة وإعادة تأهيلها ليتحوّل إلى معلم سياحي أثري على غرار تجربة إعادة تأهيل باقي المباني القديمة التي تقع على مسار اللؤلؤ، وأن تُتخذ مقراً لمركز تحفيظ قرآن أو مركز تعليم علوم الدين، لنعيد أمجاد تلك المدرسة ويفعّل المبنى للغرض الذي أُنشئ لأجله.. ودمتم سالمين.