970x90

صحابة اعتزوا بإعاقتهم

  • facebook share
  • x share
  • whatsapp share
  • telegram share
  • plus iconfont iconminus icon
  • read mode icon
نجوى عبداللطيف جناحي
نجوى عبداللطيف جناحي

كثيراً منا يعتبر الإعاقة عقبه تعيقه عن الإنجاز والعمل، بل ربما تجعل منه شخصاً يتكل على الآخرين، وقد تكون إعاقته عن العمل نتيجة تعطل في إحدى قدراته كالقدرة على الكلام أو السمع أو النظر أو الحركة، أو القدرة على استخدام اليدين، فإذا ما تعطلت إحدى هذه القدرات عند الإنسان سواء كان سبب هذا التعطل مرضاً طارئاً أو عجزاً منذ ولادته قد يشعر الإنسان بالضعف والعجز عن الاعتماد على النفس، بل وخدمة الآخرين، إلا أن الشواهد تؤكد لنا أن العجز عن إنجاز والعطاء ليس بعجز الأجساد والحواس، بل بعجز الهمم. فأصحاب الهمم هم صناع النجاح ودعونا نقرأ في سيرة الصحابة، لنجد من بين هؤلاء الصحابة رجالاً يعانون من الإعاقة أو العجز بسبب المرض، إلا أنهم لم يعتبروا هذا العجز مبرراً للتكاسل والتخاذل، بل شدوا الهمم وجادوا بالعطاء، فمن أشهر من وضعوا أسماءهم على صفحات تاريخ الإبداع البشري من صحابة الرسول عليه الصلاة والسلام «سعد بن أبي وقاص» الذي عاش أربعين عاماً في حالة إعاقة، كان خلالها قائداً لجيوش الفتح في العراق..

و«عبدالله بن أم مكتوم» الكفيف الذي كان نائباً لرسول الله على المدينة.. و«ربعي بن عامر» الصحابي الذي عانى من عرج شديد، إلا أنه تميز بالفصاحة لذا أُنتدب إلى الفرس كسفير .. ومن التابعين كان «إبان بن عثمان بن عفان» كان أصم أحول أبرص، ثم أصيب بالشلل. لكن كل هذا لم يمنعه من أن يكون من فقهاء التابعين.. وأن يتولى إمارة المدينة وقضائها.

ودعونا نتأمل كلمة «معاق» لنرى أنه مصطلح لم يتداول في تاريخ المجتمعات الإسلامية القديمة، كي لا يوصم من لديه إعاقة وفق المصطلح الحديث، بصفة تضعف من عزمه وهمته، فتلك الكلمة توحي بالعجز، فلم يستخدم العرب كلمة واحدة تجمع معاني العجز والضعف أو التحقير، فيقال الأعمى، الأصم، الأبكم، القعيد، ذلك لأن كل إنسان لديه عجز في جانب ما فلا أحد سالم من العجز فالكمال لله تعالى، فهذا عاجز في جانب من جسده، وهذا عاجز في جانب من حواسه، وآخر عاجز في جانب من ذكائه، وذاك عاجز في جانب من حكمته فهو يعجز عن التفريق بين الحق والباطل، وذاك عاجز عن الفصاحة والبيان، فالقدرة المطلقة ضرب من المستحيل. وبمعنى آخر كل منا لديه إعاقة في جانب ما وعندما نتأمل سير الصحابة الذين تربوا على يد الرسول صلى الله عليه وسلم، لم نجده يصفهم بصفة الإعاقة، أو يتعامل معهم على أنهم شريحة مختلفة في المجتمع، فكل إنسان لديه قصور في جانب معين، فكان ينظر لجوانب القوة في شخصيتهم ويعتمد عليهم، فالإعاقة الحقيقية في ضعف الإرادة والعزيمة والهمم.. ودمتم سالمين.

80

الأكثر قراءة

970x90