لم تكتفِ إسرائيل بقصفها غزة في كل الأوقات، بل تعمل حالياً على تنفيذ سياسة تجويع أهلها، وحرمانهم من الحصول على المساعدات الإغاثية إلا القليل جداً منها، وهي بذلك تصر على حرمان الشعب الفلسطيني الشقيق في غزة من أبسط حقوقه الإنسانية.
هذا التمادي الإسرائيلي يُعرض أهل غزة لخطر المجاعة، وهو ما حذر منه أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، عبر تصريح صحفي نُشر على لسانه مؤخراً حول أوضاع غزة، أكد من خلاله أن جميع سكانها يواجهون خطر المجاعة، وأن شحنات المساعدات البالغ عددها 400 شاحنة، التي تمت الموافقة عليها في الأيام الأخيرة، لا تمثل سوى «ملعقة صغيرة» مقارنة بالمساعدات المطلوبة، وهذا تصريح خطير يستدعي معه التدخل الفوري لمنع إسرائيل من الوصول إلى ذلك الخطر المخيف، الذي يعد تهديداً جديداً لأهالي غزة إلى جانب قصفهم جواً.
وعلى ما يبدو أن إسرائيل تعمد إلى إفشال كل جهود السلام العربية والدولية المبذولة لوقف النار في غزة وبشكل دائم، خاصة بعد زيارة رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب للخليج العربي مؤخراً، وتجاهله زيارة إسرائيل، وهو ما يفسر ربما رفض الولايات المتحدة لسياسات رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو الحالية في التعامل مع المنطقة، خاصة في غزة، التي أصبحت ضحية من جديد لهذا التجاهل الأمريكي لإسرائيل، وكأن نتنياهو يُحمل أهلها مسؤولية ذلك.
إن إسرائيل وعبر هذه الأساليب المرفوضة في قصف وتجويع أهالي غزة، تضع الولايات المتحدة في حرج بالغ، وتحديداً ترامب الذي حتى وإن رفض سياسات نتنياهو وتجاهل زيارته، فلا يمكنه تجاهل التعامل الإسرائيلي في غزة، وستبقى بلاده رغم ذلك كله أول الداعمين لإسرائيل، وهذا أمر يعرفه الجميع، ولكن أيضاً هناك بعض من العقل والمنطق، الذي لا يوافق على أساليب إسرائيل وسياساتها الملتوية في المنطقة، وهذا ما أظهرته تصرفات الرئيس الأمريكي في الفترة الأخيرة.
ولكن التجاهل الأمريكي ليس مطلوباً الآن، ويبدو أنه تسبب في وضع غزة تحت مزيد من القصف، بل وامتد إلى تجويع أهلها ومنعهم من الحصول على المساعدات الإغاثية إلا القليل منها، وهنا يجب أن تتدخل الولايات المتحدة، لتضغط على إسرائيل وتمنعها من التمادي أكثر مع أشقائنا في غزة، وإلزامها بتوقيف سياسة التجويع التي تفرضها إسرائيل فوراً، وأن يتم السماح بإدخال المساعدات بشكل عاجل، وبأكبر كمية ممكنة.
جامعة الدول العربية هي الأخرى مطالبة ببذل المزيد من الجهود والمساعي لاستمرار الدفع بتنفيذ المبادرات العربية الداعمة لحقوق الشعب الفلسطيني، سواء التي أقرتها قمة البحرين أو قمة فلسطين في القاهرة، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه في غزة من جهة، ووضع حد للتعنت الإسرائيلي من جهة أخرى.