تداول الناس على وسائل التواصل الاجتماعي مقطعاً مصوراً لنائب بلدي صور فيه حالة ممشى في إحدى المحافظات حيث تم تخريب الممتلكات العامة، وتحدث عن الإزعاج وشكوى الأهالي ومشاهد رمي القاذورات ووو.
مشكلة خدماتية بدأت تشكل أرقاً للناس، ورغم أني لم أعتد كثيراً التحدث عن سوء استخدام الممتلكات العامة إنما زيادة واتساع هذه المشكلة الخدماتية هي مثال على عدم التخطيط الاستراتيجي والتفكير الشمولي أو بالأحرى عدم وضع عامل «الاستدامة» كضرورة قبل تنفيذ العديد من الخدمات الممتازة التي تقدمها الدولة؟
الحقيقة أن هذه الخدمة العامة زينت أحياءنا الشعبية، وعززت رياضة المشي، وخلقت متنفساً للعوائل والأطفال قريبة من المنازل وآمنة؛ لأنها مفتوحة فلا يمكن أن تتخذ مكاناً لأي فعل مجرم، أين المشكلة إذاً؟المشكلة أن هذه المشاريع بعد التنفيذ تحولت إلى شبه حديقة وشبه ممشى، فلا هي بالحديقة المسورة، ولا هي بمخصصة للمشي فقط.
فاحتارت البلدية أي من القوانين تناسبها وتنطبق عليها، هي حديقة إنما معدومة الضوابط فلا توقيت لمنع الارتياد ولا أمن مخصص لها، فتجد الصراخ والإزعاج إلى ساعات متأخرة من الليل وأحياناً يمتد إلى الفجر في آخر الأسبوع، وعادة ما يكون الممشى قريباً من البيوت، ولا يتواجد به كاميرات ولا حراسة ليلية، فيتم التعدي على الممتلكات العامة وتخريبها، وترك القمامة دون تنظيف، حتى تحولت تلك الخدمة العامة إلى مشكلة عامة يتمنى أصحاب البيوت القريبة منها إغلاقها أو إزالتها، رغم أنها كانت من المفروض أن تكون للأحياء منظراً جميلاً وراحة نفسية، إنما تحولت إلى العكس بسبب سوء الاستغلال وضعف الرقابة.
المشكلة القانونية التي حالت دون معاملتها معاملة الحدائق العامة أن تلك المنتزهات لا تسور كالحدائق لأنها ليست مصنفة كحديقة، بالرغم من أن تخطيطها هو حديقة، وليس ممشى فحسب، فهناك المساحات الخضراء وهناك ألعاب الأطفال وتلك مواصفات حديقة، إنما لا هي حظيت بالحماية والرقابة المنصوصة على الحدائق ولا هي ظلت ممشى فهي حدائق مفتوحة بلا ضوابط.
حتى مراكز الشرطة حفلت بالشكاوى المقدمة من أهالي المنازل المطلة على تلك المماشي، والمراكز الأمنية عجزت من كثرة تسيير الدوريات حولها، لأنها تحولت إلى كرنفالات من عربات بيع الأطعمة والآيسكريم والمكسرات وأحياناً عمليات قلي بعض الأطعمة تحدث على الهواء مباشرة، وذلك أمر جيد لمن أراد أن يترزق إنما إزعاج مفروض فرضاً على المنازل المجاورة التي فقد أهلها خصوصيتهم وراحتهم وضاع حقهم.
ما يزعج أكثر أن هذه القصة أصبحت شماعة للتنابز العنصري، فتجري الاتهامات لجنسيات معينة وذريعة لفتح ملف التجنيس برمته كل مرة تطرح فيه هذه الشكوى.
(تابع التعليقات الموجودة أسفل كل مقطع مصور في وسائل التواصل الاجتماعي ستجد ملف التجنيس فتح في كل مرة وملف الهوية الوطنية وملف كلفة التجنيس المادية والمعنوية وووو)
فهل عجزنا عن إيجاد حل لهذه المشكلة التي نسمع عنها منذ سنين طويلة، دون أن يحرك أحد ساكناً، ويجد لها مخرجاً يبقيها إنما يضبطها؟