هذه صفة لا يجب أن ننساها كأبناء البحرين، أرض السلام والتعايش والأمان، وأن نتذكر بأن هذه "العقلانية" هي ما تميزنا بين الدول.
حين يتحدث صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، في المحافل الدولية، فإن صوته لا يأتي بوصفه فقط ممثلاً للوطن، بل كحامل لرؤية عقلانية متزنة تعكس جوهر النهج البحريني القائم على الاعتدال والانفتاح والتزام المسؤولية.
كلمته الأخيرة أمام القمة الافتتاحية بين دول مجلس التعاون الخليجي ورابطة "الآسيان" وجمهورية الصين، التي ألقاها نيابة عن جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، جسّدت بوضوح هذا النهج؛ إذ برز فيها التوازن الدبلوماسي البحريني، بلغة رفيعة ومضامين دقيقة تُعلي من شأن الحوار والتعاون المشترك.
واحدة من الرسائل اللافتة في الخطاب كانت تأكيد البحرين على موقفها الثابت من دعم حقوق الشعب الفلسطيني الشقيق "البطل"، بما يتماشى مع الشرعية الدولية، في موقف يجمع بين المبادئ والواقعية السياسية وصون الإنسانية. كما دعا "ميزان العدالة" البحريني (الأمير سلمان) إلى ضرورة إصلاح النظام الدولي ليكون أكثر عدالة وتمثيلاً للدول النامية، بما يخلق توازناً عالمياً أشد إنصافاً.
وفي تناوله لموضوعات كبرى مثل الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي، لم يقتصر الطرح على الجوانب التقنية، بل اتخذ منحى أخلاقياً وإنسانياً، من خلال الدعوة إلى ميثاق دولي يُنظم استخدام هذه التقنيات ويضبطها ضمن إطار من المسؤولية، ما يعكس بُعداً فلسفياً عميقاً يعبّر عن رؤية إنسانية تتجاوز المصالح الضيقة.
البيئة أيضاً كانت حاضرة في خطاب سموه، حيث أكد مجدداً التزام البحرين بتحقيق الحياد الكربوني بحلول 2060، في تأكيد على سعي المملكة الدائم لتحقيق التوازن بين متطلبات التنمية المستدامة وحماية الكوكب.
ما يميز الأمير سلمان بن حمد، إلى جانب حضوره اللافت، هو امتلاكه صفات قيادية متجذرة فيه، الصراحة، الشفافية، الواقعية، العدالة، والجدية. وهذه السمات لا تمنحه فقط مصداقية على الساحة الدولية، بل تجعله قائداً عملياً يقترب من التحديات بواقعية دون مبالغة، ويطرح الحلول من موقع الفهم العميق للمصالح الوطنية والإقليمية والدولية.
خطابات الأمير سلمان تجمع بين التحليل السياسي الهادئ، والبعد الإنساني العميق، مما يعزز من صورة البحرين كدولة مسؤولة تسهم في بناء نظام دولي أكثر توازناً واستقراراً.
إنها ليست مجرد كلمات دبلوماسية، بل رؤية استراتيجية واضحة، تدعو إلى العمل المشترك والسلام المستدام، وتمنح البحرين موقعاً متقدماً في صياغة المستقبل الإقليمي والدولي.