احتفلت جمعية الصحفيين البحرينية أمس بيوبيلها الفضي. خمسة وعشرون عاماً من العمل المتواصل، والتحديات الجسيمة، والانتصارات المهنية والإنسانية. مناسبة لا تقتصر على استذكار الماضي فحسب، بل هي لحظة تأمل في مسيرة جمعيةٍ كانت ولاتزال بيتاً جامعاً لكل الصحفيين في البحرين، بصرف النظر عن اختلافات التوجهات أو المشارب المهنية.
منذ تأسيسها، لم تكن طريق الجمعية مفروشة بالورود، بل واجهت تحديات حقيقية في سبيل ضمان استمراريتها، وتحقيق رسالتها في دعم الصحفيين والدفاع عن حقوقهم المهنية، في ظل موارد محدودة وظروف إعلامية متغيرة. ومع ذلك، استطاعت الجمعية أن تصمد، وأن تحافظ على مكانتها كمظلة جامعة لكل من آمن بالكلمة الحرة والمسؤولة.
اللافت في مسيرة الجمعية، أنها تأسست مباشرة بعد تولي حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه مقاليد الحكم، فكانت من أوائل الثمار المؤسسية للمشروع الإصلاحي الكبير، الذي أرسى دعائم حرية الرأي والتعبير، وفتح الباب أمام المجتمع المدني ليلعب دوره الحيوي في النهضة الوطنية.
الجمعية حظيت منذ بداياتها، ولاتزال، بدعم ملكي كريم، يعكس إيمان جلالة الملك العميق بالدور الوطني الذي تضطلع به الصحافة، وبأهمية أن يكون للصحفيين كيان يحمي مصالحهم ويوفر لهم الحاضنة المهنية التي يستحقونها.
كما أن سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة حفظه الله، يولي اهتماماً كبيراً ومتزايداً بالصحافة الوطنية، ويؤمن بدورها كشريك رئيس في عملية البناء والإنجاز، وهو ما يظهر في مختلف المبادرات الحكومية التي تعزز مناخ الحريات الإعلامية وتدعم المؤسسات الصحفية.
بالنسبة لي على المستوى الشخصي، أشعر بفخر واعتزاز كبيرين لكوني عاصرت ولادة الجمعية، وكان لي شرف المساهمة في مسيرتها منذ مراحلها المبكرة، حيث دخلت مجلس الإدارة في دورتها الانتخابية الثانية، وتوليت حينها رئاسة لجنة الحريات وحقوق الإنسان، في وقت كانت فيه قضايا حرية التعبير وحقوق الصحفيين تحت المجهر، ما ألقى على عاتقنا مسؤوليات مضاعفة.
كما أعتز بأنني توليت لاحقاً منصب نائب رئيس الجمعية، في مرحلة كانت مليئة بالتحديات المهنية الجسيمة التي واجهت الصحافة البحرينية، ما استدعى تماسكاً أكبر وتفانياً في العمل من أجل خدمة الجسم الصحفي والدفاع عن مكتسباته.
إنها محطات أستذكرها اليوم بكل فخر، لأنها كانت جزءاً من مشروع جماعي آمن بأهمية الكلمة وبضرورة وجود كيان مهني صلب ينهض بالصحفيين ويعبّر عنهم.
اليوم، ونحن نحتفي بهذا الإنجاز التاريخي، لا يسعنا إلا أن نرفع القبعة تقديراً وامتناناً لكل من أسهم في هذا المشوار، من رؤساء وأعضاء مجالس الإدارة المتعاقبين، إلى الصحفيين الذين التحقوا بالجمعية وساهموا في جعلها صوتاً حقيقياً للمهنة وهمومها.
الآمال معقودة بأن تحظى جمعية الصحفيين البحرينية بمزيد من الدعم والإسناد، حتى تتمكن من تطوير برامجها، وتعزيز قدراتها، وتمكين الجيل الجديد من الصحفيين الذين ينخرطون في هذه المهنة النبيلة، إيماناً بأن الصحافة كانت وستظل أحد الأعمدة الأساسية في بناء الأوطان والدفاع عن مكتسباتها.
كل عام وجمعية الصحفيين البحرينية بخير، وكل عام والكلمة الحرة بخير.